السؤال
ما معنى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال: إن الله قال: (أنا عند ظن عبدي بي)؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لفظ الحديث الذي أشرت إليه هو قوله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني. رواه بهذا اللفظ البخاري من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، كما رواه مسلم، وأحمد والترمذي، وغيرهم.
قال النووي -رحمه الله- في شرح مسلم: قوله سبحانه وتعالى أنا عند ظن عبدي بي قال العلماء معنى حسن الظن بالله تعالى أن يظن أنه يرحمه ويعفو عنه قالوا وفي حالة الصحة يكون خائفا راجيا ويكونان سواء وقيل يكون الخوف أرجح فإذا دنت أمارات الموت غلب الرجاء أو محضه لأن مقصود الخوف الانكفاف عن المعاصي والقبائح والحرص على الإكثار من الطاعات والأعمال وقد تعذر ذلك أو معظمه في هذا الحال فاستحب إحسان الظن المتضمن للافتقار إلى الله تعالى والإذعان له. اهـ.
وقال الدكتور مصطفى ديد البغا في تعليقه على صحيح البخاري: (أنا عند ظن عبدي بي): أجازيه بحسب ظنه بي، فإن رجا رحمتي وظن أني أعفو عنه وأغفر له فله ذلك، لأنه لا يرجوه إلا مؤمن علم أن له ربا يجازي، وإن يئس من رحمتي، وظن أني أعاقبه وأعذبه فعليه ذلك، لأنه لا ييأس إلا كافر). اهـ.
وجاء في فيض القدير: (قال ابن أبي جمرة: معنى (ظن عبدي بي): ظن الإجابة عند الدعاء، وظن القبول عند التوبة، وظن المغفرة عند الاستغفار، وظن المجازاة عند فعل العبادة بشروطها تمسكا بصادق وعده. اهـ.
وقال أيضا: لا يعظم الذنب عند الحاكم عظمة تقنطك من حسن الظن بالله، فإن من عرف ربه استصغر في جنب كرمه ذنبه، لا صغيرة إذا قابلك عدله، ولا كبيرة إذا واجهك فضله. اهـ.
وروى ابن أبي الدنيا عن إبراهيم قال: كانوا يستحبون أن يلقنوا العبد محاسن عمله عند موته، لكي يحسن الظن بربه، وقد قال بعض أئمة العلم: إنه يحسن جمع أربعين حديثا في الرجاء تقرأ على المريض، فيشتد حسن ظنه بالله تعالى، فإنه تعالى عند ظن عبده به. ذكره في سبل السلام في كتاب الجنائز.
والله أعلم.