الرد على من زعم أن عليا أخرج زكاته وهو راكع وأن هذا دليل على إمامته

0 617

السؤال

السلام عليكمأود أن أعرف إذا كان من زكى وهو راكعا الإمام علي كرم الله وجهه أم لا؟؟وإذا كانت الإجابة بنعم فأريد أن أعرف تفسير الآية الكريمة التي تقول (إنما وليكم الله ورسوله والمؤمنون الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون).

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

فننبه أولا أن الآية الكريمة هي: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون ‏الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) (المائدة:55) ‏
وليس كما ورد في السؤال.‏
وهذه الآية ليس فيها ذكر لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وإنما جاءت بالأمر بموالاة من ‏تجب موالاته بعد أن نهى الله عز وجل عن موالاة اليهود والنصارى بقوله: (يا أيها الذين ‏آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم ‏إن الله لا يهدي القوم الظالمين) (المائدة:51) ‏
فأوجب موالاة الله والرسول والمؤمنين الذين من صفتهم أنهم يقيمون الصلاة ويؤتون ‏الزكاة، وأنهم راكعون خاضعون لربهم منقادون لأمره.‏
فجملة (وهم راكعون) إن جعلت حالا، كان معنى الركوع فيها الخضوع والانقياد. ولا ‏يصح أن يكون المعنى الثناء على من يخرج زكاته وهو راكع.‏
قال ابن كثير رحمه في تفسيره: ( وأما قوله ( وهم راكعون) فقد توهم بعض الناس أن ‏هذه الجملة في موضع الحال من قوله ( ويؤتون الزكاة) أي في حال ركوعهم، ولو كان ‏هذا كذلك لكان دفع الزكاة في حال الركوع أفضل من غيره لأنه ممدوح، وليس الأمر ‏كذلك عند أحد من العلماء ممن نعلمه من أئمة الفتوى ).‏
والآثار الواردة التي تفيد أن عليا رضي الله عنه تصدق بخاتمه أثناء ركوعه في الصلاة لا ‏يصح منها شيء.‏
قال ابن كثير رحمه الله بعد إيرادها: ( وليس يصح شيء منها بالكلية لضعف أسانيدها ‏وجهالة رجالها).‏
بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية ( أجمع أهل العلم بالنقل على أنها لم تنزل في علي ‏بخصوصه، وأن عليا لم يتصدق بخاتمه في الصلاة، وأجمع أهل العلم بالحديث على أن القصة ‏المروية في ذلك من الكذب الموضوع) وقال ( وجمهور الأمة لم تسمع هذا الخبر، ولا هو ‏في شيء من كتب المسلمين المعتمدة: لا الصحاح ولا السنن و لا الجوامع ولا المعجمات، ‏ولا شيء من الأمهات) [منهاج السنة 4/4.]‏
وهذه الآية يراها الإمامية من أقوى أدلتهم على إمامة علي رضي الله عنه، ويزعمون أن ‏الولي بمعنى الأولى بالتصرف، المرادف للإمام والخليفة، وقد حصرت الآية هذه الولاية فيمن ‏زكى وهو راكع وهو علي رضي الله عنه، والجواب على ذلك من وجوه:‏
الأول: أنه لم يصح ما نسب إلى علي رضي الله عنه كما سبق.‏
الثاني: أن هذا الدليل ينقض مذهبهم في ولاية الاثنى عشر إماما لأنه يقصر الولاية على ‏علي رضي الله عنه بصيغة الحصر (إنما) فيدل على سلب الولاية عن باقي الأئمة. فإن ‏أجابوا بأن المراد حصر الولاية في بعض الأوقات، أي في وقت إمامته لا وقت إمامة من ‏بعده، وافقوا أهل السنة في أن الولاية العامة كانت له وقت كونه إماما، لا قبله، وهو ‏زمان خلافة الثلاثة.‏
الثالث: أن الله تعالى لا يثني على الإنسان إلا بما هو محمود عنده، إما واجب وإما ‏مستحب، والتصدق أثناء الصلاة ليس بمستحب باتفاق علماء الملة، ولو كان مستحبا ‏لفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولحض عليه ولكرر فعله، وإن في الصلاة لشغلا، ‏وإعطاء السائل لا يفوت، بل إن الاشتغال بإعطاء السائلين قد يبطل الصلاة.‏
الرابع: أن قولهم إن عليا أعطى خاتمه زكاة في حال ركوعه مخالف للواقع، فإن عليا رضي ‏الله عنه لم يكن ممن تجب الزكاة عليه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان ‏فقيرا، وزكاة الفضة إنما تجب على من ملك النصاب حولا، وعلي لم يكن من هؤلاء.‏
الخامس: أن قولهم: إن المراد بقوله (إنما وليكم الله) الإمارة لا يتفق مع قوله سبحانه (إنما ‏وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) فإن الله سبحانه لا يوصف بأنه متول على عباده، وأنه ‏أمير عليهم، والولاية في الآية هي المحبة لا الإمارة.‏
وهذا يناسب التعقيب به على تحريم موالاة المسلم لليهود والنصارى. وللمزيد من التفصيل ‏يراجع: "أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية" للدكتور ناصر بن عبد الله الغفاري ج2 ص 818-829
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة