السؤال
هل حقا هذا هو رأي ابن حزم في قاتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ؟(ولا خلاف بين أحد من الأمة في أن عبدالرحمن بن ملجم لم يقتل عليا رضي الله عنه إلا متأولا مجتهدا مقدرا أنه على صواب).أرجوكم أفيدوني بسرعة
هل حقا هذا هو رأي ابن حزم في قاتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ؟(ولا خلاف بين أحد من الأمة في أن عبدالرحمن بن ملجم لم يقتل عليا رضي الله عنه إلا متأولا مجتهدا مقدرا أنه على صواب).أرجوكم أفيدوني بسرعة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنص المنقول قاله ابن حزم رحمه الله في كتابه المحلى في معرض مناقشة الحنفية والمالكية في قولهم بأن المقتول إذا كان في أوليائه صغير وكبير، أن للكبير أن يطلب القود، ولا ينتظر بلوغ الصغير.
وقد احتج الحنفية والمالكية بأن الحسن بن علي رضي الله عنهما قتل عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي، وكان لعلي بنون صغار، فلم ينتظر بلوغهم. وابن حزم يرى أيضا أن للكبير أن يأخذ القود، وإن كان في الأولياء صغير، لكنه شنع على الحنفية والمالكية في استدلالهم بهذا الأثر من وجه آخر، وهو ما أبان عنه بقوله: ( لأنهم والمالكيون لا يختلفون في أن من قتل آخر على تأويل فلا قود في ذلك. ولا خلاف بين أحد من الأمة…) إلخ كلامه.
وليس هذا دفاعا عن ابن ملجم، فإن ابن حزم يقرن ذكره في كتابه الفصل بقوله: ( لعنه الله) وإنما هذا حكاية لواقع الخوارج جميعا.
وهو أنهم متأولون جتهدون يحسبون أنهم مهتدون، وتأويلهم فاسد، واجتهادهم مردود عليهم من غير شك.
وقد دل على كونهم متأولين يرون أنفسهم على حق وهدى أدلة كثيرة منها:
1- ما جاء في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حق ذي الخويصرة اليماني: " دعه، فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية... آيتهم رجل أسود، إحدى عضديه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر، يخرجون حين فرقة من الناس".
قال أبو سعيد: فأشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل فالتمس، فوجد، فأتي به حتى نظرت إليه على نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نعت.
2- ما جاء تفسير قوله تعالى: (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا *الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) [الكهف:103، 104] .
قال ابن كثير رحمه الله: ( وقال علي بن أبي طالب والضحاك وغير واحد: هم الحرورية، ومعنى هذا عن علي رضي الله عنه أن هذا الآية الكريمة تشمل الحرورية، كما تشمل اليهود والنصارى وغيرهم، لا أنها نزلت في هؤلاء على الخصوص، ولا هؤلاء ، بل هي أعم من هذا، فإن هذه الآية مكية قبل خطاب اليهود والنصارى، وقبل وجود الخوارج بالكلية، وإنما هي عامة في كل من عبد الله على غير طريقة مرضية يحسب أنه مصيب فيها، وأن عمله مقبول وهو مخطئ، وعمله مردود، كما قال تعالى: (وجوه يومئذ خاشعة* عاملة ناصبة* تصلى نارا حامية) [الغاشية:2]…(وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) أي يعتقدون أنهم على شيء، وأنهم مقبولون محبوبون) انتهى.
3- تصريح الخوارج بأن قتل علي رضي الله عنه قربة إلى الله، وقد نقل ابن حزم عقب كلامه الوارد في السؤال شعر عمران بن حطان في ذلك.
قال ابن حزم: ( وفي ذلك يقول عمران بن حطان شاعر الصفرية:
يا ضربة من تقي ما أراد بها إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إني لأذكره حينا فأحسبه أوفى البرية عند الله ميزانا)
فابن ملجم وغيره من الخوارج يحسبون أنهم على هدى، وهم في الحقيقة ضالون مارقون من الدين، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.
والله أعلم.