السؤال
أنا آنسة أبلغ من العمر30 عاما أعاني من أمرين يسببان لي الضيق الشديد:
الأول: غازات بصفة مستمرة لدرجة أنني أحيانا وأنا أتوضأ أجد الريح وأنا أنتهي من وضوئي، وكذلك وأنا في التشهد الأخير من الصلاة فأضطر إلى مدافعته حتى أنتهي وأسلم، وهذا يسبب لي ضيقا شديدا.
وكذلك يكون عندي مجلس علم في المسجد من بعد صلاة المغرب إلى بعد صلاة العشاء فأحتاج أن أتوضأ قبل أذان المغرب لكي أرتدي ملابسي وأكون مستعدة للخروج بعد أن أصلي المغرب في البيت أو أصليه في المسجد لكي أحضر المجلس من بدايته ولكني أكون قلقة أن يأتيني ريح وأنا في طريقي للمسجد أو وأنا أرتدي ملابسي وقد حدث ذلك من قبل واضطررت أن أتوضأ مرة أخرى وهذا الأمر يسبب لي الضيق الشديد لدرجة أن نفسي بدأت تحدثني ألا أحضر المجلس لأستطيع أن أصلي المغرب وأنا مرتاحة نفسيا من أي قلق أن يأتيني الريح عند ذهابي للمسجد، وكثيرا ما أجد الريح وأنا في المجلس فأضطر إلى مدافعته لكي أستطيع أصلي العشاء جماعة ولا أؤخرها إلى أن أرجع البيت لأن المجلس يستكمل بعد صلاة الجماعة بحوالي نصف ساعة أو أكثر. والمسجد ليس به مكان لوضوء النساء، (( وكذلك أيضا بالنسبة لصلاة الجمعة أثناء الخطبة))،
فما العمل ؟ وماذا أفعل في هذه المشكلة ؟
علما أنني من عدة سنوات ذهبت للطبيب وكتب لي على علاجا ولاحظت أنه عمل على تقليل هذه الغازات بدرجة كبيرة جدا ولكني بعد أن كررته عدة مرات امتنعت عن شرائه لأنه غالي الثمن ولا أستطيع أن أظل أشتريه مدى الحياة.
أما الأمر الثاني: فهو نزول إفرازات باستمرار وبدون شهوة حتى أنني أشعر بها أثناء الوضوء والصلاة، لدرجة أشعر أني غرقانة بالإفرازات (أشعر أن فرجي مليء بها) وبالتالي أعاني من نفس ما أشعر به مما ذكرته سابقا من الغازات ؟
ولكن في بعض الأحيان عندما شعرت بها وأنا أصلي ( كنت أصلي أربع ركعات سنة قبل العصر ) فأكملت الصلاة واستجمرت بقطعة قماش فلم أجد بها أي إفرازات مما زادني ضيقا، فقمت بالوضوء ثانية لأصلي العصر, وقد حدث ذلك أيضا في عدة أمور مختلفة كأن أكون أتوضأ وأشعر بها، أو أكون أنهيت الوضوء ويخرج مني ريح فأشعر معه بإفرازات فأستجمر ولا أجد شيئا. لدرجة أنني بعد ذلك عندما أشعر بها لا أهتم وأظل على وضوئي بالرغم من شعوري بالغرق وهذا يضايقني جدا خاصة عندما أكون توضأت قبل الأذان بفترة قصيرة (ولكن في أحيان قليلة يكون بالفعل في إفرازات خرجت)
وقد قمت للتخلص من خوفي أن تنزل الإفرازات في ملابسي بأن أضع قطعة قماش في فرجي إذا كنت سأتوضأ قبل الأذان بفترة قصيرة أو عند خروجي للمسجد وأيضا للتخلص من شعوري بالغرق، وحتى مع شعوري بنزول إفرازات فلا ألقي لها بالا وأقوم بالصلاة دون محاولة الاستجمار للتأكد من نزولها.
أشعر بالعذاب من هذين الأمرين فما الحل ؟ أفيدوني وجزاكم الله خيرا
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن على الأخت السائلة أن تهون على نفسها فإن الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولم يجعل علينا في الدين من حرج فقال تعالى: وما جعل عليكم في الدين من حرج {الحج: 78}.وقال: فاتقوا الله ما استطعتم {التغابن: 16} وقال: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها {البقرة: 286}. وقال صلى الله عليه وسلم: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه. رواه مسلم. وفي رواية ابن ماجه: فانتهوا.
أما عن مسألة الغازات إن كنت على يقين من خروجها فقد تقدم بيان الحكم فيما لو كانت تستمر أو تنقطع، وبينا ذلك بتفصيل في فتاوى عديدة منها الفتوى رقم: 8777، والفتوى رقم: 32885، فإن كانت السائلة صاحبة سلس لم يصح وضوؤها إلا بعد دخول الوقت على الراجح وهو ومذهب الشافعية والحنابلة أي أن وضوء صاحب السلس ومن في حكمه لا بد أن يكون بعد د خول الوقت، قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: مذهبنا أنه لا يصح وضوء المستحاضة لفريضة قبل وقتها ووقت المؤداة معروف ووقت المقضية بتذكرها. ودليل المذهب أنها طهارة ضرورة، فلا يجوز شيء منها قبل الوقت لعدم الضرورة، وقال أبو حنيفة: يجوز وضوؤها قبل الوقت. انتهى.
ومعلوم أن صاحب السلس حكمه حكم المستحاضة في هذه المسألة، وإن تم الوضوء بعد دخول الوقت وبعده الذهاب مباشرة إلى مكان الصلاة فلا ينتقض بحدث السلس الذي يحصل في الطريق إلى الصلاة بل ولو حصل أثناء الصلاة هذا عن صلاة المغرب أما العشاء فلا تصح بالوضوء الذي صليت به المغرب لأنه حصل قبل وقتها إضا فة إلى ما ذهب إليه بعض أهل العلم من أن صاحب السلس ليس له أن يصلي أكثر من فرض بوضوء واحد كما سبق ذكره في الفتوى رقم: 76540، وإن كانت حالتك لم تصل إلى حد السلس كما هو الظاهر فلا يرتبط الوضوء بالوقت بل يصح قبله ولو بكثير لكنه ينتقض بالحدث المذكور، والذي ينبغي هو انتظار الوقت الذي يتوقف فيه ثم توضئي وصلي ولو تأخرت أو تقدمت عن الجماعة هذا ما دام الوقت باقيا وإلا فلا تؤخري الصلاة عن وقتها ولو لم ينقطع الحدث، وننبه هنا إلى أن الصلاة مع مدافعة الأخبثين منهي عنها في الحديث الصحيح وهي مكروهة، كما أن مدافعتهما عده أهل العلم من أعذار التخلف عن الجماعة أي أنه إذا دار الأمر بين أن يصلي الشخص وهو حاقن مع الجماعة أو يتخلص من الحدث ويتوضأ ويصلي منفردا مثلا فإن الأولى هنا هو التخلف عن الجماعة لهذا الغرض للنهي عن الصلاة في هذه الحالة المشغلة عن الخشوع قال في المهذب في الفقه الشافعي، وهو يعد أعذار التخلف عن الجماعة: ومنها: أن يحضر الطعام ونفسه تتوقه أو يدافع الأخبثين ; لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: { لا صلاة بحضرة الطعام، ولا هو يدافعه الأخبثان} ).انتهى قال النووي معلقا هنا: وهذان الأمران عذران يسقط كل واحد منهما الجماعة بالاتفاق، وكذا ما كان في معناهما، قال أصحابنا: يكره أن يصلى في هذه الأحوال انتهى
وأما الإفرازات فيبدو أن حالتك معها لا تخلو من وسوسة. وعليه فلا عبرة إلا بما تحقق خروجه منها، ولقد أصبت في إعراضك عنها بعد ما تبين أنها في أغلب الأحوال تكون أوهاما وشكوكا.
ثم إن البحث عنها ووضع القماش للتأكد منها فيه شيء من التنطع في الدين، والصواب أن تعرضي عما لم تتحققي من نزوله، فإن تحققت من ذلك فقد سبق أن أوضحنا حكم هذه الإفرازات من حيث الطهارة من عدمها وما يترتب على استمرار نزولها وتقطعه في الفتوى رقم: 51282، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 15179.
والله أعلم.