السؤال
شيخنا الفاضل جزاك الله خيرا على فسحك المجال لنا لمراسلتك
سؤالي هو أنا مقبل على الزواج من فتاة حباها الله تعالى بصفات قلما تجدها عند كثير من النساء وهذه ليست مبالغة بقدر ما هي حقيقة ذات دين وخلق وجمال وثقافة واسعة عندها ثلاث لغات الفرنسية والإنجليزية والإسبانية فلله الحمد والمنة سؤالي في قضية الوظيفة وتقديم رسالة نافعة لأمتها وهذا ما يؤرقها فهي طوع أمري والحمد لله ولكن لا أريد أن أتسرع بالقبول أو الرفض وأقصد بالوظيفة مجال التعليم لا غير فأنا موقعي في المجتمع إيجابي أدعو إلى الله وأصلي بالناس
الفتاوى كثيرة في هذا المجال كما لا يخفى عليكم بين مجيز ومحرم مهما كان الحال والوسطية عزيزة خاصة معرفة واقع البلد والناس علما أننا من الجزائر وأنت تعرف برامج التعليم هناك الفرونكوفونية حتى النخاع ومع هذا لا يزال الخير يغزو الجامعات والمؤسسات الرسمية ولو كرهوا فماذا ترى شيخي الفاضل وهل هناك بديل ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعمل المرأة في الأماكن المختلطة لا يخلو من حالتين:
الأولى: أن تكون المرأة مضطرة للعمل لضرورة حقيقية معتبرة شرعا حيث لا يكون لها من يقوم عليها ويوفر لها ضروريات الحياة، ولم تجد مكانا غير مختلط تعمل فيه، ولم تكن تحسن صنعة تعملها في بيتها كالخياطة والحياكة والنسيج، أو تحسنها ولكن دخلها لا يفي بضرورياتها وضروريات من تعول. ففي هذه الحال يجوز لها أن تعمل في ذلك المكان المختلط مع التزام الحذر التام ومراعاة الضوابط الشرعية لخروج المرأة فلا تخرج إلا وهي محتشمة متحجبة الحجاب الشرعي الكامل، ويشترط في ذلك الحجاب أن يكون صفيقا فضفاضا، لا يصف شيئا من مفاتنها، ولا يلفت انتباه الرجال إليها. ويجب عليها أن تحذر مس الطيب عند خروجها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حذر النساء من الخروج متطيبات إلى المسجد، وغير المسجد مثله في الحكم. من ذلك ما في المسند وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة خرجت من بيتها متطيبة تريد المسجد لم يقبل الله لها صلاة حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة. كما يحرم عليها أن تخضع بالقول عند مخاطبة الرجال إذا احتاجت إلى ذلك؛ لقول الله تعالى: فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا {سورة الأحزاب:32} إذا تحققت هذه الحالة والتزمت المرأة بهذه الضوابط يجوز لها العمل ما دامت بحاجة إليه، فإذا زالت حاجتها أو وجدت فرصة عمل لا يوجد فيها اختلاط وجب عليها ترك ذلك العمل.
الحالة الثانية: أن لا تكون مضطرة إلى العمل في الأماكن المختلطة إما لعدم حاجتها إلى العمل أصلا، وإما لوجود فرصة عمل غير مختلطة. ففي هذه الحال لا يجوز لها العمل في الأماكن المختلطة لما يترتب على ذلك من مفاسد ولما ينطوي عليه من مخاطر. ويكفي من ذلك أنه إذا اختلطت المرأة بالرجل في مكان واحد باستمرار يصعب عليهما أن يمتثلا أمر الله سبحانه في غض البصر الذي أوجب الله عليهما. ومن المخاطر أيضا أنه ليس كل الرجال الذين تتعامل معهم من الأتقياء الأعفاء غالبا. بل إن الكثير منهم لا يؤمن على الأعراض، ولا يتقي الله تعالى في نظراته وكلماته وتصرفاته في بعض الأحيان، وقد ينشأ عن ذلك ما لا تحمد عقباه. كما هو مشاهد. وبالجملة فالأسلم للمرأة في دينها وعرضها أن تشتغل في مجالها الخاص بها، وأن تبتعد عن مكان الريبة والفساد.
فإذا أمكن لخطيبك تحصيل عمل غير مختلط كالدروس الخصوصية للنساء، أوفي مكان آخر خاص بالنساء فلا حرج فيه. وأما في المدارس المختلطة ونحوها فلا بد أن يكون وفق الضوابط المبينة سابقا. وللفائدة نرجو مراجعة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 5181، 5352، 1665.
أخيرا ننبه إلى أن الاختلاط الذي أفتينا بحرمته هو الاختلاط الذي لا تراعى فيه الضوابط الشرعية كما بينا في الفتوى : 358912 . وهذا هو الغالب اليوم في أماكن العمل. والله المستعان.
والله أعلم.