السؤال
أختي كان بها مس وأثناء ذلك اتهمت زوجتي بعمل سحر لها ولجميع العائلة مما أدى إلى أن معظم أفراد العائلة صدقوا ذلك وتغيرت معاملتهم لزوجتي إلى أن حدث أن واجهت أختي زوجتي ببيت الوالد بذلك وبناء على ذلك غادرت زوجتي بيت الوالد واتخدت موقفا بأن لا تتكلم مع أي من أخواتي أو أمي وأن لا تدخل بيت الوالد مرة اخرى إلى أن شفيت أختي وزارتني في بيتي تطلب العفو لأنها لم تكن تعي ما تفعل ولكن زوجتي رفضت حتى مقابلتها وأغلقت على نفسها الحجرة حتى غادرت أختي البيت مر على هذا ستة أشهر وحاولت وكذلك والدي بشتى الطرق رد المياه إلى مجاريها ولكن فشلتنا في ذلك وطول هذه المدة حاولت أن لا أقطع صلتي بأي منهم وزوجتي لم ترفض زيارة طفلتي لأي منهم حفاظا على صلة الرحم مع العلم بأن جميعهم متزوجون ولهم بيوتهم ومعاملة زوجتي لي وكذلك والدي أكثر من ممتازة.
شرعا هل يحق لزوجتي الاستمرار في ذلك فلا مفر أن يتقابلا في المناسبات العائلية الآن لا تسلم عليهم وتتفادى مقابلتهم وأنا في حيرة من هذا ولا أريد أن أجبر زوجتي على شيء لا تريده وفي نفس الوقت أريد الحفاظ على الرباط العائلي..أرجو النصيحة. جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت أختك قد صدر منها ما كان تجاه زوجتك وهي في غير وعيها فلا إثم عليها في ذلك؛ لأن المجنون غير مؤاخذ بما يصدر عنه من ذلك، ولا ينبغي للعقلاء اعتبار كلامه ولا تصديقه، وإن فعلوا فهم مؤاخذون بذلك مثلما حصل من أهلك تجاه زوجتك، فقد اتهموها بالسحر بناء على زعم أختك الممسوسة، وهذا خطأ فادح وظلم كبير، وعليهم أن يعتذروا إليها ويطلبوا مسامحتها ويتوبوا إلى الله مما خاضوا فيه، فإن من البهتان والإثم المبين الذي تجب التوبة منه أن ينسب المرء لمؤمن أو مؤمنة ما هو بريء منه، كما قال الله تعالى: والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا {الأحزاب:58}.
ولكن ينبغي لزوجتك أن تقدر ظرفهم، وقد ابتليت ابنتهم بالمس، وفقدت العقل فطار صوابهم وذهب رشدهم فصدقوها في دعواها، وما تهذر به. فينبغي التجاوز عما كان والتغاضي عن الهفوات فهو من الإحسان الذي يثيب عليه الكريم الرحمن كما في قوله: وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين {الشورى:40} وقوله: والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين {آل عمران:134} وقوله: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم {فصلت:34}
كما أن
إكرام أهل الزوج من إكرامه هو وحسن معاشرته؛ كما بينا في الفتوى رقم: 70321.
وخلاصة القول أن هجرها لأمك وأخواتك لا يجوز، ويتحصل ترك الهجر بالسلام عليهم إذا التقوا في المناسبات أو غيرها؛ لما في الحديث: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري ومسلم. فعليها أن تسلم على من تلقى منهم، والأولى والذي ننصحها به أن تزورهم بنفسها، وتعتذر عن مقاطعتها إياهم بعد توبتهم واعتذارهم لها، وتذكر أن ذلك بسبب الشيطان كما قال يوسف لما لقي أبويه وإخوته بعد ما فعلوا به: هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم {يوسف:100}
كما ننصحها أن تقبل عذر أختك وأهلك لأن قبول العذر من شيم الكرام، ولكن لا مانع أن تطلب منهم أن يظهروا الاعتذار أمام من سمع اتهامهم إياها، لئلا يبقى عنده تصور خاطئ عنها. وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية:53141، 25074، 55821، 23920.
والله أعلم.