حكم شكاية أصحاب الديون وحبسهم

0 246

السؤال

أعمل مدير تحصيل بشركة سيارات بالأقساط (شيكات)
أتحاشى أن أدخل مع العملاء في إشكالات قانونية ولكن أحيانا اضطر لفتح بلاغات ضدهم وحبسهم وتتم محاكمتهم بالبقاء بالسجن حتى السداد.
هل عملي مشروع حلال؟
هل عمل السجان حلال؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فعملك في تحصيل الديون المشروعة للشركة جائز، كما يجوز لك أن تخاصم عنها أيضا إذا وكلتك في ذلك. ومن واجبك أن تحرص على أموال الشركة التي تعمل فيها وتبذل وسعك في تحصيلها وحفظها؛ لأن هذا هو مقتضى الأمانة التي اؤتمنت عليها.

وبالنسبة لمسألة جواز شكاية أصحاب الديون الحالة التي امتنع أصحابها عن السداد وجهل حالهم من حيث اليسار والإعسار فإن ذلك جائز شرعا، المهم أن لا تكون على علم أن هذا المدين معسر لأن الواجب في حق المعسر الإنظار؛ لقوله تعالى: وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة {البقرة: 280} فإذا ثبت عندك أنه معسر لم يجز لك التسبب في حبسه؛ لأن حبسه بعد ثبوت إعساره ظلم.

جاء في شرح مختصر خليل للخرشي: المديان سواء كان مفلسا أم لا أحاط الدين بماله أم لا يحبس إلى أن يثبت عسره هذا إن جهل حاله، أي لم يعلم هل هو مليء أو معدم. أما من علم ملاؤه فيؤمر بدفع الحق الآن، ومعلوم العدم يجب إنظاره.

ومحل حبس مجهول الحال ما لم يسأل التأخير بحميل بوجهه إلى غاية إثبات عسره‘ ةفإن سأل الصبر بحميل بوجهه،  وأولى بالمال إلى أن يثبت عسره فإنه لا يحبس لأن الغريم لم يثبت ملاؤه ولا أنه غيب مالا وإنما سجن ليتبين أمره، فإذا أعطي حميلا إلى مدة الاستكشاف توصل به إلى ذلك كما يتوصل بالسجن.

وأما عن عمل السجان فهو جائز من حيث الأصل في سجن هؤلاء وغيرهم، وإنما يمنع إن علم أنه سيسجن مظلوما؛ لأنه والحال هذه استئجار على عمل محرم. جاء في بدائع الصنائع في الاستئجار على المعاصي ما يلي: كذا لو استأجر رجلا ليقتل له رجلا أو ليسجنه أو ليضربه ظلما، وكذا كل إجارة وقعت لمظلمة لأنه استئجار لفعل المعصية.اهـ

أما القضايا التي يكون فيها الظلم ظاهرا والحاكم ظالما معروفا بظلمه فإن العمل عنده كسجان لهؤلاء المظلومين حرام، وقد سأل سجان الإمام أحمد عن حديث أعوان الظلمة وهل هو صحيح وهل هو منهم؟ فاجابه: كما جاء في رواية المروذي: لما حبس الإمام أحمد رحمه الله قال له السجان: يا أبا عبد الله: الحديث الذي يروى في الظلمة وأعوانهم صحيح؟ قال: نعم. فقال: فأنا منهم، قال أحمد: أعوانهم من يأخذ شعرك ويغسل ثوبك ويصلح طعامك ويبيع ويشتري منك، فأما أنت فمن أنفسهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة