إساءة صاحب العمل وتكبره على عماله

0 234

السؤال

فضيلة الشيخ عندي مشكلة تعرضت للإهانة على يد صاحب العمل الذى أعمل عنده وهو شاب وأنا شاب إلا أنني أكبره بـ 3 سنوات وكانت هذه الإهانة (وليست سبابا) بمناسبة أنني نسيت إحدى الأعمال الموكلة إلي مما تسبب فى غرامة مالية بسيطة إلا أنه بالغ فى الأمر وقام بالاتصال بى من ليبيا وأهانني وأغلق التليفون فى وجهي بعد الصراخ وكذا من تلك الأمور ثم لما رجع إلى هنا قام بإدخالى مكتبة وأغلق علينا الباب ثم فتح كل المواضيع المعلقة بيني وبينه وألمح لي خلال الكلام (لأنني كنت نقلت له حكما شرعيا) إنني هنا الآمر الناهي ولا أسمح لأحد أن يعدل علي ولا يقول لي حلال وحرام، وأن كل شيء هنا متروك لتقديري وأنا الذي سأحاسب على ذلكوهو والحق يقال يخشى الله ويخرج زكاة المال ويتصدق إلا أنه حاد الطباع جدا وهذا الموضوع الجديد والإهانة التي وجهها لي أساءت لي ولنفسيتي جدا جدا فأنا حساس جدا، كما أنني مصاب بداء القولون العصبي، فإذا حدثت هذه الأمور فإن القولون يتحرك علي أشعر بألم وأعراض أخرى مثل الاضطرابات فى المعدة تكاد تفسد علي صلاتي وهذا لأنني شخص حساس جدا، ومسالم إلى أبعد الحدود، وأنا قررت أن أترك العمل حفظا لكرامتي وعلى أساس أن الرزق بيد الله إلا أن أصحابي وزملائي فى العمل يمنعونني لأن حالتي المادية ليست على ما يرام، كما أنني أقوم بتسديد بعض الديون بصفة شهرية وهذه الديون إن شاء الله تنتهى نصفها فى يونيو ونصفها فى أكتوبر2007 وبصراحة أنا لا أعرف ماذا أفعل أنا أكتب الرسالة ودموعي فى عيني من الإحساس بالتعب النفسي، فأفتونى بالله عليكم ماذا أفعل هل أترك العمل حفاظأ لكرامتي والرزق هذا على الله وحده وهو لن يتركني ولن ينساني أم أسكت وأتحمل هذه المهانة حتى تنتهى ديوني أفتوني؟ جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقول صاحبك إنه هو الآمر الناهي في مؤسسته صحيح، ولكن ذلك لا يعني أن من حقه الإساءة إلى الآخرين وإهانتهم، وقولك: إنه يخشى الله، لا يتفق مع قوله: إنه لا يسمح لأحد أن يقول عنده إن هذا حلال أو حرام، وأن كل شيء هناك متروك لتقديره، وهو الذي سيحاسب عليه... هذا في الحقيقة كلام لا يصلح أن يقوله شاب موصوف بخشية الله.

فالإسلام يدعو إلى التواضع والتآلف ونحو ذلك من الأخلاق النبيلة، وينهى عن ضد ذلك من الكبر والتقاطع والتدابر ونحو ذلك من الأخلاق الدنيئة، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. وفيه أيضا أنه عليه الصلاة والسلام قال: إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي بعضكم على بعض..

وقد عرف النبي صلى الله عليه وسلم الكبر بقوله: الكبر بطر الحق، وغمط الناس. رواه مسلم، قال النووي رحمه الله: أما بطر الحق فهو دفعه وإنكاره ترفعا وتجبرا، وقوله صلى الله عليه وسلم: وغمط الناس. معناه: احتقارهم.

هذا فيما يخص صاحبك، وأما أنت فإذا كنت -كما ذكرت- مصابا بالداء المذكور، وأن مثل هذه الإهانات تسبب لك التوتر العصبي والاضطرابات التي قد تزيد من اعتلالك فإنه ينبغي لك ترك هذا العمل، لأن محافظة المرء على صحته من آكد الواجبات عليه، وعلى زملائك الذين ينهونك عن ترك العمل أن يخبروا صاحبك بما أنت فيه من الحال، ويقنعوه بتجنب الإساءة إليك، وأما كون الرزق بيد الله فالواجب أن يكون ذلك جزءا من عقيدة المؤمن لا يتغير بتغير الأحوال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة