الفرق بين الإسراف والكرم والسخاء

0 217

السؤال

أنا زوجي كثير إنفاق الفلوس على الطعام ويحب كثيرا أن يعزم على العشاء أوالغداء وحصل شجارات بينا فهو لا يتقبل مني الكلام بهذا الموضوع أنا لا أريد أن أمنعه لكن أود أن يكون تصرفه بعقلانية أكثر فنحن لسنا أغنياء لكننا مستورون والحمد لله انصحوني ماذا أفعل حتى تخف الشجارات بيننا زوجي عصبي الطبع ولا حتى بهدوء يتقبل وهل يجوز لي أن آخذ فلوسا من جيبه وأخبؤها للمستقبل لي وله ولولدنا دون علمه وجزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما عن أخذ الفلوس من الزوج دون علمه فقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 66496.

وأما عن شكوى الأخت من إنفاق زوجها المال الكثير على الطعام فنقول: إن إطعام الطعام قربة وصدقة ما لم يتجاوز الحد، فإن تجاوز كان إسرافا مذموما.

والحد يرجع إلى العرف وهو يختلف من مكان إلى آخر، ومن شخص إلى آخر.

قال تعالى: ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين الأنعام: 141 قال ابن كثير: قيل معناه لا تسرفوا في الإعطاء فتعطوا فوق المعروف وقال أبو العالية: كانوا يعطون يوم الحصاد شيئا ثم تباروا فيه وأسرفوا فأنزل الله: ولا تسرفوا وقال ابن جريج: نزلت في ثابت بن قيس بن شماس جذ نخلا له فقال: لا يأتيني اليوم أحد إلا أطعمته فأطعم حتى أمسى وليست له ثمرة فأنزل الله تعالى: ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين. رواه ابن جرير عنه وقال ابن جريج عن عطاء: نهوا عن السرف في كل شيء. وقال إياس بن معاوية: ما جاوزت به أمر الله فهو سرف. وقال السدي في قوله: ولا تسرفوا قال: لا تعطوا أموالكم فتقعدوا فقراء. وقال سعيد بن المسيب ومحمد بن كعب في قوله ولا تسرفوا قال: لا تمنعوا الصدقة فتعصوا ربكم، ثم اختار ابن جرير قول عطاء أنه نهي عن الإسراف في كل شيء ولا شك أنه صحيح لكن الظاهر والله أعلم من سياق الآية حيث قال تعالى: كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا الأنعام: 141 أن يكون عائدا على الأكل أي لا تسرفوا في الأكل لما فيه من مضرة العقل والبدن كقوله تعالى: كلوا واشربوا ولا تسرفوا. لأعراف: 31 الاية وفي صحيح البخاري تعليقا [ كلوا واشربوا والبسوا من غير إسراف ولا مخيلة ] وهذا من هذا والله أعلم) انتهى

فنقول: ينبغي للزوج أن يكون إنفاقه بالمعروف، وأن يجتنب التبذير والإسراف في الإنفاق سواء على نفسه وأهله أو على من يضيفهم، وأن يعلم أن الكرم منزلة بين البخل والتبذير، فلا يظن أن ما يفعله من الكرم إذا تجاوز به الحد والمعروف.

قال ابن قيم الجوزية في الوابل الصيب: وحد السخاء بذل ما يحتاج إليه عند الحاجة، وأن يوصل ذلك إلى مستحقه بقدر الطاقة، وليس ـ كما قال البعض ممن نقص علمه ـ حد الجود بذل الموجود. ولو كان كما قال هذا القائل لارتفع اسم السرف والتبذير وقد ورد الكتاب بذمهما وجاءت السنة بالنهي عنهما، وإذا كان السخاء محمودا فمن وقف على حده سمي كريما، وكان للحمد مستوجبا، ومن قصر عنه كان بخيلا وكان للذم مستوجبا. انتهى

أما الأخت السائلة فما يمكنها فعله هو أن تبين للزوج أن ما يفعله ليس من الكرم والسخاء المحمود، بل هو من التبذير والإسراف المذموم.

والله أعلم.

 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة