إبراء الذمة والوفاء بالنذر

0 185

السؤال

ما الحكم فى شخص أخذ مالا ليتبرع به لشخص مريض ولكن أخذته الدنيا ولم يعطه للمريض وتوفي هذا المريض وبعدها نذر هذا الشخص أن يخرج أول مرتب له كله عندما ينتقل لعمل أكبر، فاذا كان هذا الشخص يملك مالا الآن ويستطيع أن يخرج المال منه، ولكنه لا يعرف ماذا يفعل في النذر، فأرجو الإجابة فإن هذا الشخص يشعر أنه بعيد عن الله بسبب هذا؟ وشكرا.

الإجابــة

 

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيجب على هذا الشخص مع التوبة إلى الله أن يرد هذا المال إلى الجهة التي حصل عليه منها، فإن تعذر ذلك فيجب عليه صرفه إلى مريض آخر يكون محتاجا إليه، والأصل في ذلك عموم قوله صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الترمذي، وقوله صلى الله عليه وسلم: وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. متفق عليه.

ويجب عليه أيضا أن يوفي بنذره، فقد قال الله تعالى في صفات أهل الجنة: يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا {الإنسان:7}، وقال صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري.

وإذا كان لا يمكنه الجمع بين إبراء ذمته بإخراج المال الذي عليه للمريض والوفاء بنذره قدم إخراج المال الذي للمريض على الوفاء بالنذر لأن هذا المال من حقوق العباد المبنية على المشاحة وهي مقدمة -عند التعارض وعدم إمكانية الجمع- على حقوق الله تعالى المالية كالنذور والكفارات المبنية على المسامحة، فإن الله تعالى واسع الفضل والرحمة وهو الغني الحميد، أسمح الغرماء وأكرم الكرماء قد يعفو عن حقه مع التوبة وبدونها، أما حقوق العباد فلا يتم العفو والتخلص منها إلا بالخروج منها إلى أربابها واستحلالهم منها.

وإلى هذا ذهبت لجنة الفتوى بالأزهر فقالت: لو تعلق بذمة الإنسان حقان ماديان، أحدهما لله والثاني للعباد ولا يملك إلا ما يوفي واحدا منهما قدم حق العباد على حق الله، فمن كان عليه دين لإنسان، وقبل أن يؤديه نذر بناء مسجد أو التصدق على الفقراء، والمال الذي عنده لا يكفي لقضاء الدين والوفاء بالنذر، فالواجب أن يؤدى الدين أولا، وأما النذر فيكون الوفاء به عند القدرة التي لا توجد إلا بعد قضاء الدين والالتزامات الأخرى، والقدرة وقتها متسع وعند نية الوفاء يرجى عفو الله عند التعذر، فهو سبحانه واسع الرحمة والمغفرة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة