السؤال
لقد علمت أن شقة خالتي وزوجها بما فيها من وسائل معيشة ليست من مال حلال ولكن الآن (هو يعاقب قانونا) ذهب هذا المال وتعيش على الإعانات وفلوس أولادها، ولكن أوقاتا نذهب إليها (من باب صلة الرحم فلقد قاطعناها فترة طويلة) ولأن حالتها النفسية سيئة وتريد أن تشعر بحب الناس ولكن عندما أذهب تقدم طعاما لا أريد أن آكله لأني أعلم أن الوسائل مثل البوتاجاز والكهرباء والغاز كل هذا من حرام وبدأت خالتي تشعر بهذا، وأمي أحيانا تطلب منها أن تجهز لنا طعاما ولكن من أموالنا (لأن أمي مريضة فلا تستطيع أن تنزل لتجهيز جميع طعامنا) فرفضت أكله فحاولت أمي لإقناعي أنه من أموالنا ولكني مصرة وأمي تغضب لذلك، فماذا أفعل أنا لا أستطيع فهم هذه الأولويات بماذا أضحي، وهل هذا من التعسير على النفس أم من الورع عن أكل الحرام والبعد عن الشبهات؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن علم أن أصل الطعام حلال ولكنه طبخ بوسيلة مغصوبة أو مسروقة يقينا فالظاهر -والله أعلم- أنه لا يحرم أكل ذلك الطعام، قياسا على الماء الذي سخن بمغصوب، فقد صرح أهل العلم بأنه يتطهر به مع الكراهة لاستعمال المغصوب فيه، كما جوزوا الأكل مما نبت من الماء المغصوب والأرض أو حرث بالدواب المغصوبة.
وأما إذا لم يتأكد من كون الوسيلة من مال محرم بأن علم أن أصل مال هذه الأسرة ليس محرما كله بل فيه حلال وحرام فلا يحرم بل يكره عند كثير من أهل العلم، وقد جوزه بعضهم دون كراهة؛ لما في المسند: أن يهوديا دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأجابه. ومن المعلوم أن اليهود أكلة ربا وسحت، ولا حرج في التورع عن ذلك كله مع الحرص على دعوة الخالة للتورع عنه إن لم تكن محتاجة له، والحرص على عدم جرح مشاعرها، وقد بسطنا الكلام على الأكل من طعام من اختلط ماله الحلال بالحرام، ومن كان ماله كله حراما في الفتاوى ذات الأرقام التالية فراجعيها: 6880، 74105، 71204، 63172، 69330، 59045.
ثم لتعلمي أن سبيل المال المكتسب من الحرام أن يصرفه مكتسبه في مصارف الخير فينفقه على الفقراء وفي مصالح المسلمين، وبناء عليه فيسوغ لك عند الحاجة أن تأخذي منه كما يجوز ذلك لخالتك إذا كانت محتاجة إليه، وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19674، 72797، 72525، 69047، 63938.
والله أعلم.