السؤال
ما أفضل طريقة لتعلم الفقه الشافعي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأفضل الطرق لتعلم الفقه الشافعي وغيره من العلوم الشرعية هي:
1- حسن النية والقصد من تعلمه وهو رفع الجهل، والعمل بالشرع، وتعليم الناس الخير وما إلى ذلك من المقاصد الحسنة، لحديث عمر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى.. متفق عليه. وقال الشاعر: والنية اجعل لوجه الله خالصة * إن البناء بغير الأصل لم يقم.
2- البحث عن شيخ عارف بهذا العلم فهو خير معين للحصول عليه، فالعلماء مفاتيح العلوم، والعلم كما قيل بين اثنين، قال الشاطبي رحمه الله في الموافقات: من أنفع طرق العلم الموصلة إلى غاية التحقق به أخذه عن أهله المتحققين به على الكمال والتمام. انتهى.
3- مطالعة الكتب المصنفة فيه وإدامة النظر فيها وهي طريقة تأتي بعد التي قبلها، ولذلك قال الشاطبي رحمه الله: وإذا ثبت أنه لا بد من أخذ العلم عن أهله فلذلك طريقان:
أحدهما: المشافهة وهي أنفع الطريقين وأسلمهما لوجهين: الأول: خاصية جعلها الله تعالى بين المعلم والمتعلم يشهدها كل من زاول العلم والعلماء، فكم من مسألة يقرؤها المتعلم في كتاب ويحفظها ويرددها على قلبه فلا يفهمها فإذا ألقاها إليه المعلم فهمها بغتة وحصل له العلم بها بالحضرة، وهذا الفهم يحصل إما بأمر عادي من قرائن أحوال وإيضاح موضع إشكال لم يخطر للمتعلم ببال وقد يحصل بأمر غير معتاد، ولكن بأمر يهبه الله لمتعلم! عند مثوله بين يدي المعلم ظاهر الفقر بادي الحاجة إلى ما يلقى إليه وهذا ليس ينكر...
الطريق الثاني: مطالعة كتب المصنفين ومدوني الدواوين وهو أيضا نافع في بابه بشرطين: الأول: أن يحصل له من فهم مقاصد ذلك العلم المطلوب ومعرفة اصطلاحات أهله ما يتم له به النظر في الكتب وذلك يحصل بالطريق الأول من مشافهة العلماء أو مما هو راجع إليه وهو معنى قول من قال: كان العلم في صدور الرجال ثم انتقل إلى الكتب ومفاتحه بأيدي الرجال، والكتب وحدها لا تفيد الطالب منها شيئا دون فتح العلماء وهو مشاهد معتاد. انتهى.
4- التدرج في الدراسة وذلك بالبدء بصغار المتون قبل كبارها ثم بكبارها ثم بشروحها ثم حواشيها، قال الإمام الماوردي في أدب الدنيا والدين: واعلم أن للعلوم أوائل تؤدي إلى أواخرها، ومداخل تفضي إلى حقائقها. فليبتدئ طالب العلم بأوائلها لينتهي إلى أواخرها، وبمداخلها لتفضي إلى حقائقها، ولا يطلب الآخر قبل الأول، ولا الحقيقة قبل المدخل، فلا يدرك الآخر ولا يعرف الحقيقة، لأن البناء على غير أس لا يبنى، والثمر من غير غرس لا يجنى. انتهى.
5- الجد والاجتهاد والمثابرة على الحفظ والمراجعة ولقاء العلماء والأقران ومذاكرتهم وقد قيل (لقاء الفحول ينقح العقول).
6- العمل بالعلم فإن من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم قال تعالى: واتقوا الله ويعلمكم الله. ونقل الشاطبي في الموفقات آثارا كثيرة عن السلف فيها هذا المعنى، فقال: وعن الحسن؛ قال: "الذي يفوق الناس في العلم جدير أن يفوقهم في العمل". وعنه في قول الله تعالى: {وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم} [الأنعام: 91] ؛ قال: "علمتم فعلمتم ولم تعملوا؛ فوالله ما ذلكم بعلم". وقال الثوري: "العلم يهتف بالعمل، فإن أجابه؛ وإلا ارتحل". وهذا تفسير كون العلم هو الذي يلجئ إلى العمل. وقال الشعبي: "كنا نستعين على حفظ الحديث بالعمل به"، ومثله عن وكيع بن الجراح. وعن ابن مسعود: "ليس العلم عن كثرة الحديث، إنما العلم خشية الله. انتهى.
والله أعلم.