السؤال
فقد اتفقنا مع أحد الأشخاص على المضاربة فى مال لنا مقابل 50 % من الربح، لكنه يشترط مرور سنة على الحصول على ربح، وكذلك إن أردنا الحصول على المال يجب إخباره قبل السنة بشهرين وإلا يعتبر هذا موافقة ضمنية على مضاربة بالمبلغ للعام التالي، فهل شرط كهذا يفسد المضاربة، وهل يجوز لنا محاسبته ومتابعته عن كيفية سير العمل وحسابات البيع والشراء والأرباح، أم لا؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعقد المضاربة من العقود الجائزة فيجوز لكل من المالك والعامل فسخها متى شاء، هذا إذا عقدت مطلقة، أما إذا عقدت مؤقتة بسنة ونحوها فاختلف أهل العلم هل تصح أم لا على قولين:
الأول: أنه تصح ويلزم الوفاء بالشرط فإذا انتهت المدة جدد العقد لمدة قادمة وهكذا.
الثاني: لا يصح توقيتها، وقد بين الإمام ابن قدامة الحنبلي أقوال أهل العلم في ذلك فقال: ويصح تأقيت المضاربة، مثل أن يقول: ضاربتك على هذه الدراهم سنة، فإذا انقضت فلا تبع ولا تشتر، قال مهنا: سألت أحمد عن رجل أعطى رجلا ألفا مضاربة شهرا، قال: إذا مضى شهر يكون قرضا. قال: لا بأس به. قلت: فإن جاء الشهر وهي متاع؟ قال: إذا باع المتاع يكون قرضا. وقال أبو الخطاب: في صحة شرط التأقيت روايتان: إحداهما، هو صحيح. وهو قول أبي حنيفة. والثانية لا يصح وهو قول الشافعي، ومالك. واختيار أبي حفص العكبري لثلاثة معان: أحدهما: أنه عقد يقع مطلقا، فإذا شرط قطعه لم يصح كالنكاح.
الثاني: أن هذا ليس من مقتضى العقد، ولا له فيه مصلحة، فأشبه ما لو شرط أن لا يبيع، وبيان أنه ليس من مقتضى العقد، أنه يقتضي أن يكون رأس المال ناضا، فإذا منعه البيع لم ينض.
الثالث: إن هذا يؤدي إلى ضرر بالعامل، لأنه قد يكون الربح والحظ في تبقية المتاع، وبيعه بعد السنة، فيمتنع ذلك بمضيها، ولنا أنه تصرف يتوقت بنوع من المتاع فجاز توقيته في الزمان، كالوكالة، والمعنى الأول الذي ذكروه يبطل بالوكالة الوديعة، والمعنى الثاني والثالث يبطل تخصيصه بنوع من المتاع، ولأن لرب المال منعه من البيع والشراء في كل وقت إذا رضي أن يأخذ بماله عرضا، فإذا شرط ذلك فقد شرط ما هو من مقتضى العقد، فصح كما لو قال: إذا انقضت السنة فلا تشتر شيئا. وقد سلموا صحة ذلك.
وعلى القول الأول وهو صحة التأقيت يجوز الشرط الذي شرطه، ولا مانع من أن يتجدد العقد تلقائيا ما دمتم اتفقتم على ذلك.
وأما متابعته ومحاسبته إذا ظهر منه تفريط فلا حرج في ذلك، وإذا تبين تفريطه ضمن ما فرط فيه دون غيره، وأما إذا لم يوجد فهو مؤتمن على ذلك والقول قوله إلا أن يكون لرب المال بينه تشهد بخلاف ما ذكر.
والله أعلم.