لا يجوز بيع مستند البيع لأنه وثيقة لإثبات استحقاق المبيع ولا يعد قبضا

0 205

السؤال

لدي مبلغ من المال أقوم باستثماره في تجارة الاسمنت، فأقوم بشراء مستندات تخول لي شراء كمية من الاسمنت فأذهب إلى شركة الاسمنت (وهي تابعة للدولة) وأدفع قيمة ثمن الاسمنت وثمن نقله، فأحصل على مستند يفيد بحجز كمية الاسمنت التي دفعت ثمنها وأنتظر وقد يستغرق انتظاري مدة العام وأسأل عما يلي:
أولا: هل يجوز لي بيع المستند الذي يفيد بشرائي للاسمنت قبل أن أستلم الاسمنت.
ثانيا: في أثناء حجزي للاسمنت يكون الزحام كبيرا لدرجة أنني لا أستطيع المزاحمة، ولأنني أحيانا أشتري بمستندات ليست باسمي فالموظفون يمنعونني من إتمام إجراءات الشراء، فألجأ إلى بعض الشباب الذين يقومون بالمزاحمة وإتمام إجراء حجز وشراء الاسمنت لصالحي على أن أدفع لهم مقابل أتعابهم. بعضهم يقوم بالمزاحمة، والبعض الآخر لديه من يعمل داخل مكتب المبيعات فيقوم بالاستعانة به في إتمام إجراءات الحجز والشراء بمقابل (رشوة). فهل يجوز لي الاستعانة بمثل هؤلاء الشباب، وللعلم أنني في بعض الأحيان لا أستطيع التمييز بين النوعين المشار إليهما، ولا أدري ماذا يفعلون لإتمام إجراءات الشراء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فدفعك الثمن إلى شركة الاسمنت وقبض سند باستلامه يعد بيعا صحيحا بالنسبة لك، وهو بيع عين موصوفة بصفات محددة، ولا بد أن يأتي بها البائع كما وصف، وإلا فلك الخيار في فسخ البيع إذا وجدتها على غير تلك المواصفات التي اشتريتها بها، وليس بيع سلم لأن من شروط صحته تحديد المدة لنص الحديث الشريف: من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم أو وزن معلوم إلى أجل معلوم. متفق عليه.

ولا يجوز لك بيع تلك البضاعة قبل تسلمها لأن السند الذي بيدك لا يعد قبضا للإسمنت وإنما هو وثيقة إثبات استحقاق، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البيع قبل القبض، فعن حكيم بن حزام قال: قلت: يا رسول الله إني اشتريت بيوعا، فما يحل لي منها، وما يحرم علي؟ قال: فإذا اشتريت بيعا، فلا تبعه حتى تقبضه، رواه أحمد، وروى أبو داود عن زيد بن ثابت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم.

وأما استلام الإسمنت فلا بد أن يكون حسب النظام المقرر لذلك، ولا يجوز أن يتقدم متأخر على متقدم، لا بوساطة ولا برشوة ولا بمزاحمة، ولا يجوز لك أن توكل واحدا ممن يقوم بذلك لأن فيه اعتداء على حقوق الآخرين، فربما بعضهم حضر من الصباح الباكر ويأتي هذا الراشي أو الوسيط فيقدمه على غيره، وهذا مظهر من مظاهر الظلم وسوء الأخلاق التي سادت في كثير من المجتمعات، وهي تتناقض مع الخلق الإسلامي ولا يرضى أحد أن يعامل بمثل هذه المعاملة فكيف يرضاها لغيره، وقد جاء في سنن الترمذي ومسند أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يأخذ عني هؤلاء الكلمات فيعمل بهن أو يعلم من يعمل بهن، فقال أبو هريرة: فقلت أنا يا رسول الله، فأخذ بيدي فعد خمسا، وقال: اتق المحارم تكن أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما، ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب. فمن أخلاق الإسلام أن تعامل الآخرين بما تحب أن يعاملوك به، وفي مسند أحمد عن المغيرة بن سعد عن أبيه أو عن عمه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة فأخذت بزمام ناقته أو بخطامها فدفعت عنه، فقال دعوه .......فقلت: نبئني بعمل يقربني إلى الجنة ويبعدني من النار، قال فرفع رأسه إلى السماء ثم قال لئن كنت أوجزت في الخطبة لقد أعظمت أو أطولت تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتحج البيت وتصوم رمضان وتأتي إلى الناس ما تحب أن يؤتوه إليك، وما كرهت لنفسك فدع الناس منه، خل عن زمام الناقة.

وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي فقال: لعن الله الراشي والمرتشي والرائش. رواه الترمذي وحسنه. والرائش هو الساعي بين الراشي والمرتشي ليوفق بينهما. ولا خير لك في استخراج الاسمنت أو غيره بهذه الطريقة السيئة.

والله أعلم.

 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة