السؤال
أفيدوني فقد احترت في أمري:
أنا وزوجي المفروض أن نعيش في وضع اجتماعي فوق متوسط وراتبنا معا يكفي لذلك ولكنه يضيق علينا ليدخر مبلغا من المال يفيد للمستقبل لشراء مسكن خاص أو سيارة بما يتلاءم مع وضعنا الاجتماعي فيضيق علينا في المأكل والملبس لهذا الغرض حيث إنه يرفض مساعدة الأسرة. وبذلك أصبح لدينا مبلغ يتجاوز النصاب.
1- هل علينا دفع زكاة علي هذا المبلغ المدخر من حساب احتياجاتنا الضرورية لشراء سيارة للاستعمال الشخصي حتى لا نلجأ للقروض؟
2- هل يجوز دفع الزكاة لأسرة أخته المتزوجة والتي من المفترض أن تعيش في وضع اجتماعي متوسط الدخل أو محدود ولكنها ترغب أن تحيا أفضل فحريصة علي تجديد ملبسها وشراء أثاث ودخول أولادها مدارس خاصة مما يجعلهم يظهرون في مظهر أفضل منا بالرغم الفارق الاجتماعي بيننا وترغم أسرتها على مساعدتها لها واقناعهم أن ذلك من ضروريات الحياة. وبذلك فإن راتب زوجها غير كاف لسد احتياجاتها مع العلم بأنها تملك نصابا من الذهب ويسكنان في شقة تمليك وهذا ما نسعى لتوفير مثله لنا؟
3- رجاء مع توضيح هل عدم جواز دفع الزكاة لهم بسبب قدرتهم المالية أم وجوب نفقتهم على الأخ مع العلم بأننا ليس لدينا أولاد فهي من ورثته؟
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
من ادخر مالا لغرض شراء سيارة أو نحوها مما يحتاجه وحال الحول عليه عنده وهو نصاب وجبت عليه زكاته، والأخت من أهل الزكاة إذا تحققت فيها شروط الاستحقاق التي من أهمها الفقر وعدم المعيل من زوج وولد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الزكاة فريضة فرضها الله تعالى على الأغنياء للفقراء لحكم عظيمة وأهداف سامية كريمة تعم المعطي والآخذ والمجتمع، فمن حكمها بالنسبة للمعطي أنها تطهره من الشح والبخل، وتحرر نفسه من الذل والخضوع للمال، وتدربه على البذل والإنفاق، وهي شكر لنعمة المال واعتراف بفضل الله وإحسانه، وهي علاج لقلب المعطي من الاستغراق في حب الحياة وحب المال، وهي جالبة لمحبة الناس له وثنائهم عليه، وكما أن الزكاة طهارة لنفس المعطي فهي كذلك طهارة لماله ونماء وبركة له كما قال تعالى: يمحق الله الربا ويربي الصدقات {البقرة: 276} وقال صلى الله عليه وسلم: خمس من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة وذكر منها: وأعطى الزكاة طيبة بها نفسه. رواه أبو داود وحسنه الألباني، ومع هذا كله من الأهداف النبيلة والحكم البالغة والإغراءات القيمة فهي نسبة ضئيلة تفيد الفقير ولا تضر الغني، فأخرجي أختي السائلة الزكاة عن المال المذكور إن وكلك زوجك أو ليخرجه هو بنفسه فهو المسؤول عنه، وتراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18037، 54471، 20404 .
ثم إنه لا حرج على زوجك في دفع زكاة ماله لأخته إن كانت لا تجد من يوفر لها ولعائلتها ما يحتاجون إليه من دون إسراف، بل إن دفع الزكاة لها في هذه الحالة فيه أجر الصلة مع الصدقة، أما إن كانت عندها كفايتها المعتادة التي لا بد منها، ولكنها تريد أن تسرف أو تظهر بمظاهر الأغنياء فلا تعطى من الزكاة عندئذ بهذا الغرض لا من أخيها ولا من غيره.
قال النووي في المجموع وهو يصف حقيقة الفقير الذي يستحق سهما في الزكاة: هو من لا مال له ولا كسب أصلا أو له ما لا يقع موقعا من كفايته، فإن لم يملك إلا شيئا يسيرا بالنسبة إلى حاجته بأن كان يحتاج كل يوم إلى عشرة دراهم وهو يملك درهمين أو ثلاثة كل يوم فهو فقير لأن هذا القدر لا يقع موقعا من الكفاية ولو كان له دار يسكنها أو ثوب يلبسه متجملا به فهو فقير، ولا يمنع ذلك فقره لضرورته إليه، ولا يشترط العجز عن أصل الكسب، إلى أن قال: والمعتبر في قولنا يقع موقعا من كفايته المطعم والملبس والمسكن وسائر ما لا بد منه على ما يليق بحاله بغير إسراف ولا إقتار لنفس الشخص ولمن هو في نفقته. انتهى. وقال أيضا: المسألة الثانية في قدر المصروف إلى الفقير والمسكين، قال أصحابنا العراقيون وكثيرون من الخراسانيين، يعطيان ما يخرجهما من الحاجة إلى الغنى وهو ما تحصل به الكفاية على الدوام، وسواء كان المال الذي يملكه المسكين نصابا أو أقل أو أكثر إذا لم يبلغ كفايته فيعطى تمام الكفاية. انتهى بحذف.
ثم إنه لا يجوز صرف الزكاة لتصرف على تكاليف الدراسة إلا إذا عجز الطلبة وعجز من يعيلهم عن تلك التكاليف، فقد أجاز بعض أهل العلم صرف الزكاة إليهم بشرط أن يكونوا أذكياء ولا يستطيعون الجمع بين العلم والتكسب، وأن يكون العلم الذي يتعلمونه مما يحتاجه المسلمون كالعلوم الشرعية والهندسة والطب.
قال النووي أيضا: ولو قدر على كسب يليق بحاله إلا أنه مشتغل بتحصيل بعض العلوم الشرعية بحيث لو أقبل على الكسب لانقطع عن التحصيل حلت له الزكاة لأن تحصيل العلم فرض كفاية، وأما من يتأتى منه التحصيل فلا تحل له الزكاة إذا قدر على الكسب وإن كان مقيما بالمدرسة، هذا الذي ذكرناه هو الصحيح. انتهى.
ولمزيد التفصيل في هذه المسألة تراجع الفتوى رقم: 29894، والفتوى رقم: 28739، ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 54471، 55147، 9892.
والله أعلم.