الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سداد دين الأب من الزكاة

السؤال

أنا فتاة غير متزوجة، وأسرتي ميسورة الحال، وأريد إخراج زكاة المال لأول مرة بعد أن بلغ النصاب، ولكن ليس هنالك دخل ثابت، وأحيانًا تتراكم الديون على والدي، فهل يجوز صرف زكاة المال في سداد هذه الديون؟ مع العلم أني أيضًا ليس لديَّ مصدر دخل ثابت، وأنفق على نفسي دون مساعدة أحد إطلاقًا، وهل يجب عليَّ الإنفاق على أهلي؟ مع العلم أن حالهم ميسور نوعًا ما، ولكن ليس هنالك إدارة أو تحكم في مصروفهم؛ فيغلب عليهم التبذير. جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنجمل الإجابة عن سؤالك فيما يلي:

أولًا: مجرد بلوغ المال النصاب لا يوجب فيه الزكاة، مالم يحُلْ عليه الحول وهو كذلك.

ثانيًا: صرف زكاة المال في سداد دَين الأب، لا حرج فيه، إن كان لا يجد وفاء لدَينه؛ لأن الولد لا يلزمه قضاء دَين أبيه، بخلاف ما لو كان الأب فقيرًا؛ فلا يجوز للولد أن يعطيه الزكاة لفقره؛ لوجوب نفقته عليه حينئذ، وهذا ما بينه ابن قدامة في المغني حيث قال: ولا يعطي من الصدقة المفروضة للوالدين، وإن علوا، ولا للولد، وإن سفل، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الزكاة لا يجوز دفعها الى الوالدين في الحال التي يجبر الدافع إليهم على النفقة عليهم، ولأن دفع زكاته إليهم تغنيهم عن نفقته، وتسقطها عنه، ويعود نفعها إليه؛ فكأنه دفعها إلى نفسه؛ فلم تجز. انتهى.

وأما لو كان الأب غارمًا، ولا يجد وفاء لدَينه؛ فيجوز للابن دفع الزكاة إليه؛ لسداد دينه، كما سبق، قال النووي في شرح المهذب: قال أصحابنا: ويجوز أن يدفع إلى ولده، ووالده من سهم العاملين، والمكاتبين، والغارمين، والغزاة، إذا كانا بهذه الصفة. انتهى.

وعليه؛ فيجوز لكِ دفع زكاة مالكِ إلى أبيك لسداد دَينه، إن كان لا يجد ما يسدده به.

ثالثًا: نفقتك على والديك لا تلزمك ما داما غير محتاجين إلى ذلك لعدم فقرهما، كما ذكرت، لكن يستحب لك أن تعطيهما من مالك، ولو كانا غير محتاجين، على قول الجمهور، لا سيما إذا طلبوا منك ذلك، فتعطيهم ما تطيب به خواطرهم؛ فإن رضاهم سبب لرضا الله تعالى عنك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: رضا الله من رضا الوالد، وسخط الله في سخط الوالد. رواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم في المستدرك، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني