0 312

السؤال

بارك الله فيكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين.... يا شيخنا لقد قرأت في كتاب لبعض المعاصرين.. بعض الآراء التي حيرتني وجعلتني أشك في صحة هذه الآراء الغريبة وهي قوله: يجوز الحلف بالنبي ورأس الحسن وغلاوته بشرط أن تكون نية الحالف الترجي وليس القسم، ومنها أن هذه العبارة صحيحة المعنى وهي لولا محمد صلى الله عليه وسلم ما خلق الله الخلق، ومنها أن الاحتفال بالمولد النبوي من أفضل القربات إلى الله تعالى ومنها أنه يجوز شد الرحال لزيارة قبر النبي والصالحين، ومنها أن الطرق الصوفية لا بد منها لأنها تربي المسلم تربية صحيحة، ومنها الترك ليس مصدرا أي أن الأشياء التي لم يفعلها النبي كالاحتفال بالمولد النبوي ليس دليلا على حرمتها واستدل بحديث بلال وهو أن النبي قال له يا بلال لقد سمعت دفي نعليك في الجنة.......) علق عليه قائلا إن بلال صلى هاتين الركعتين بعد كل وضوء وهو يعلم أن النبي لم يفعل ذلك فلو كان ترك النبي لهما حراما لما فعل ذلك بلال، فنرجو من فضيلتكم أن تطلعوا على هذا الكتاب لكي تعرفوا البلايا التي ذكرها في هذا الكتاب، والمصيبة أن كثيرا من الناس يعتقد أن هذا الكلام صحيحا، يا شيخنا نرجو منكم أن توضحوا لنا الحق؟ بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيمكن إجمال الجواب عن هذه المسائل الواردة بهذا السؤال في النقاط التالية:

النقطة الأولى: أنه لا يجوز الحلف بمخلوق مهما علت درجته فإن الحلف تعظيم والتعظيم لا يكون إلا لله، وتراجع الفتوى رقم: 93416، ولا ندري ما المقصود بالترجي في اليمين، والذي اطلعنا عليه في بعض كتب الحنفية إطلاق هذا اللفظ على يمين اللغو لرفع المؤاخذة بها، فإن كان المقصود أن ما يقع من بعض المسلمين من حلف بغير الله لا يقصدون به القسم وإنما هو لغو فليس بصحيح، بل إن كثيرا منهم يقصدون به القسم، وما يقع منهم ولا يقصد به القسم ورد في مثله حديث النبي صلى الله عليه وسلم: من حلف فقال في حلفه واللات والعزى فليقل لا إله إلا الله. متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

النقطة الثانية: لا يصح القول بأنه لولا محمد ما خلق الله الخلق لعدم ورود دليل صحيح يدل على ذلك، والنصوص التي وردت بهذا الخصوص مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراجع لبيان ذلك الفتوى رقم: 70409، والفتوى رقم: 9650.

النقطة الثالثة: لا يجوز الاحتفال بالمولد النبوي، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 62785.

 وأما مسألة الترك وهل وهو سنة أو لا، فقد حقق هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية وهو يتحدث عن الأذان في العيدين حيث قال: فأما ما كان المقتضي لفعله موجودا لو كان مصلحة وهو مع هذا لم يشرعه فوضعه تغيير لدين الله تعالى... فمثال هذا القسم: الأذان في العيدين، فإن هذا لما أحدثه بعض الأمراء أنكره المسلمون لأنه بدعة، فلو لم يكن كونه بدعة دليلا على كراهته وإلا لقيل هذا ذكر الله ودعاء للخلق إلى عبادة الله فيدخل في العمومات؛ كقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا. وقوله تعالى: ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله. أو يقاس على الأذان في الجمعة، فإن الاستدلال على حسن الأذان في العيدين أقوى من الاستدلال على حسن أكبر البدع، بل يقال: ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم له مع وجود ما يعتقد مقتضيا وزوال المانع سنة كما أن فعله سنة. انتهى.

وهذا متحقق في الاحتفال بالمولد النبوي، وأما حديث بلال رضي الله عنه فإن استحباب صلاة ركعتين بعد الوضوء ثابت بأصل الشرع، ففي صحيح مسلم عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يتوضأ رجل مسلم فيحسن الوضوء فيصلي صلاة إلا غفر الله له ما بينه وبين الصلاة التي تليها.

النقطة الرابعة: لا يشرع شد الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو قبر غيره من الصالحين، كما هو مبين في الفتوى رقم: 30152.

النقطة الخامسة: أنه لا يصح القول بأن الطرق الصوفية تربي المسلم تربية صحيحة، وذلك لأن المنهج التربوي الصوفي يقوم على كثير من الأخطاء، ولا سيما في مجال العقيدة، وراجع الفتوى رقم: 8500، والفتوى رقم: 29243.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة