السؤال
هناك من أهل الاقتصاد من يقول بمشروعية الفائدة (الربا) في هذا الزمان وذلك لوجود عامل التضخم. فلو أدانك أحدهم ألف درهم فمن الظلم أن تعيدها له ألف درهم بعد سنتين مثلا لأن قيمة الألف درهم الفعلية (الشرائية) ستكون أقل من قيمتها الحالية. فلا يجوز أن يخسر من فعل معك معروفا وأقرضك مالا. ماذا نجيبهم؟
الإجابــة
خلاصة الفتوى:
لم يقل بحلية الربا أحد ممن يحتج بقولهم من أهل العلم، وحول التضخم فالذي عليه جمهور أهل العلم -وهو المعتمد- هو أن العبرة في وفاء الديون هي بالمثل وليس بالقيمة. والمقرض ليس خاسرا في ذلك؛ لأنه مأجور عند الله تعالى بما فعله من خير، وقد يكون تغير قيمة العملة لصالحه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الربا لم يقل بحليته أحد ممن يحتج بقولهم من أهل العلم؛ لأنه إحدى الموبقات السبع؛ كما ورد في الحديث الصحيح؛ ولأن الله تعالى قد توعد بالحرب مع أصحابه، وهو وعيد لم يرد مثله في شيء من المحرمات.
وحول التضخم.. فالذي قرره مجمع الفقه الإسلامي في دورته المنقعدة بالكويت بتاريخ 12/1988: أن العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما هي بالمثل وليس بالقيمة؛ لأن الديون تقضى بأمثالها، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة أيا كان مصدرها بمستوى الأسعار.
وهذا هو ما عليه جمهور أهل العلم، ولا اعتبار لما بلغته قيمة الدين وقت الأداء. فإذا كانت العملة التي تحدد بها الدين أصلا ما زالت موجودة ومتعاملا بها فالأمر ظاهر، وإن انعدمت وتعومل بعملة أخرى بدلها، فالواجب قيمة الدين بالعملة الجديدة وقت اجتماع استحقاقه وانعدام العملة، قال خليل بن إسحاق: وإن بطلت فلوس فالمثل، أو عدمت فالقيمة وقت اجتماع الاستحقاق والعدم.
وقالت طائفة من أهل العلم: إن الاعتبار هو بقيمة الدين لا بعدده، لكن المعتمد ما عليه الجمهور.
ثم ينبغي أن نعلم أن من صنع معروفا وأقرض غيره مالا فليس بخاسر –إن شاء الله-؛ لأنه مأجور عند الله تعالى بما فعله من خير، ومع ذلك فتغير قيمة العملة قد يكون لصالحه؛ لأن العملة المتعامل بها قد يرتفع سعرها بالمقارنة مع العملات الأخرى.
والله أعلم.