شرح حديث (..فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش..)

0 539

السؤال

من تفسير ابن كثير في آية (والشمس تجري لمستقر لها) قال البخاري حدثنا أبو نعيم حدثنا الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر رضي الله عنه قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد عند غروب الشمس فقال صلى الله عليه وسلم " يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس؟" قلت الله ورسوله أعلم قال صلى الله عليه وسلم: "فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فذلك قوله تعالى: "والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم"
وقال سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين غربت الشمس " أتدري أين تذهب ؟ " قلت الله ورسوله أعلم قال صلى الله عليه وسلم " فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها ويقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله تعالى : " والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم " والعلم يثبت أن غروب الشمس في دولة ما بسبب دوران الأرض حول محورها وتعاقب الليل والنهار بسبب دوران الأرض حول محورها وليس بسبب حركة الشمس إطلاقا، وليس بسبب أنها تغرب بسبب أنها تذهب لتسجد تحت العرش، كما أنها تغرب عندنا وتشرق في دول أخرى، وفي رواية البخاري المذكورة أعلاه توضح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر في وقت الغروب (أتدري أين تغرب الشمس)!! وهذا معلوم لمن يسافر بالطائرة أو حتى بالإنترنت عندما تكون في الدول العربية ليلا يكون في أمريكا الصبح عندما نتحادث معهم من خلال الإنترنت، فأرجو كشف الشبهه وأرجو إرسال الإجابة على بريدي الخاص وعدم نشرها في الإنترنت؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم صحيح يجب تصديقه والإيمان به، وأما معنى الحديث فلا يناقض كون الشمس لا تغيب عن الكرة الأرضية إطلاقا، فإن الغروب المذكور في الحديث يفسر بالذهاب المذكور في الرواية الأخرى، وهي قوله: أتدري أين تذهب، وقوله فإنها تذهب.. إلخ، ويدل لهذا المعنى قول صاحب اللسان: الغرب الذهاب والتنحي عن الناس... والغرب النوى والبعد. وقال في موضع آخر: والغروب غيوب الشمس غربت غابت في المغرب... انتهى.

فالغروب هو ذهابها حتى تغيب عن الأنظار في اتجاه المغرب بالنسبة للناظر في أي مكان كان، وهذا موافق لما في الآية: والشمس تجري لمستقر لها، كما قال ابن كثير في التفسير والقرطبي وابن عاشور.

وأعلم أن الخبراء في الفلك قد قرر كثير منهم أن الشمس تتحرك وتجري كما أن الأرض تتحرك وتدور، فدوران الأرض لا يناقض حركة الشمس وجريانها، فالأرض في فلك والشمس بعيدة منها وهي تدور أيضا في فلك آخر، فالأرض تدور حول نفسها يوميا كما تدور حول الشمس في السنة مرة، فدورانها اليومي يحصل به غياب الشمس عن أجزاء من الأرض ويكون به تعاقب الليل والنهار، ودورانها السنوي يحصل به تعاقب الفصول وتغير الأحوال والطقس من حر إلى برد وصيف إلى شتاء، والحديث لم يتكلم على حركة الأرض بنفي ولا إثبات وإنما تكلم على حركة الشمس، وذكر أنها تذهب حتى تسجد تحت العرش ولم يذكر أنها تغيب، فهي يمكن أن تسجد تحت العرش ولا تغيب عن بعض أجزاء الأرض، وقد اختلف شراح الحديث هل تسجد وهي تجري وتدور وهذا هو ظاهر كلام الخطاب ويؤيده قراءة تجري لا مستقر لها وهذا هو ظاهر كلام ابن حجر، وإذا قلنا إنها تستقر فلا يلزم من ذلك طول الاستقرار والسجود حتى يلاحظه الناظرون إليها، ولا يلزم من سجودها تحت العرش أنها تغيب عن أنظار جميع الناس، لأن العرش فوق السماوات والأرض والشمس فقد ذكر ابن كثير في البداية أن الحديث لا يدل على أنها تصعد إلى فوق السماوات حتى تسجد تحت العرش بل هي تغرب عن عيننا وهي مستمرة في فلكها الذي هي فيه... فإذا ذهبت فيه حتى تتوسطه فهذا هو محل سجودها، واستئذانها الله في الطلوع من المشرق فيؤذن لها، فإذا كانت الليلة التي يريد الله طلوعها  من المغرب يقال لها ارجعي من حيث جئت. انتهى.

وقد رجح ابن عاشور أن محل سجودها أمر مجهول لا قبل للناس بمعرفته، وراجع البداية والنهاية لابن كثير وفتح الباري وتحفة الأحوذي وتفسير القرطبي وابن كثير وابن عاشور، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12870، 38644، 56931

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات