ضابط إباحة ما حرم سدا للذريعة

0 266

السؤال

أنا شاب حديث الالتزام وأتحرج من الذهاب إلى الدراسات العليا؛ لأن الكليات مختلطة عندنا، والطالبات لا يرتدين اللباس الشرعي، وأنا أعلم أن الاختلاط محرم في الشريعة الإسلامية، وقد كان هذا الاختلاط سببا لانحرافي ووقوعي في المحرمات في أثناء دراستي للبكلوريوس، ولا أريد أن أقع في نفس المستنقع من جديد، ومعلوم أن دراسة العلوم الدنيوية كالهندسة من فروض الكفاية، والبلدان العربية فيها من الكفاية بحيث إن المهندسين لا يجدون فرصا للعمل أصلا، أي أصبح فرض الكفاية بالنسبة لي مستحبا؛ لأنه تحققت الكفاية بغيري من المسلمين، ولا يجوز لي أن أقع في الحرام وهو الاختلاط من أجل مستحب وهو دراسة الهندسة التي تحققت فيها الكفاية، لكن المشكلة هي أنني ذات يوم، وأنا أقرأ في أحد الكتب الشرعية وجدت أنه هناك قاعدة فقهية تقول: ( ما حرم سدا للذرية أبيح عند الحاجة ) ولم تقل القاعدة عند الضرورة ومن المعلوم أن تحريم الاختلاط هو سدا للذريعة، وأنا مثلا إذا أردت الدراسة أكيد عندي حاجة، وهي زيادة الدخل مثلا أو الحصول على مصدر للرزق أو غيره، وعلى هذه القاعدة لن يحرم الاختلاط أبدا؛ لأنه كل من يختلط بالجنس الآخر يقول إن ذلك لحاجة, فكيف أجمع بين هذه الأدلة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فعلى فرض أن الاختلاط ليس محرما لذاته وإنما حرم سدا للذريعة -كما تقول- فإن الحاجة المقصودة التي يباح لأجلها ليست كل حاجة، وإنما الحاجة الشديدة التي تكاد تلامس الضرورة لما يترتب على عدمها من الحرج والمشقة، ولذلك فإنها تنزل منزلة الضرورة، أو تكون الحاجة متضمنة لمصلحة راجحة على المفسدة المفضية إليها الوسيلة. قال ابن القيم رحمه الله: وما حرم سدا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة، كما أبيحت العرايا من ربا الفضل، وكما أبيحت ذوات الأسباب من الصلاة بعد الفجر والعصر، وكما أبيح النظر للخاطب والشاهد والطبيب..." (إعلام الموقعين 2/161)..وانظر الفتوى رقم: 25545.

وما ذكرته من طلب الوظيفة وزيادة الدخل وغيرها ليس ضرورة ولا حاجة تلامسها لإمكان حصول ذلك كله بسبل الحلال دون ولوج الحرام وارتكاب المفاسد.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة