السؤال
أنا أريد الجواب الكافي والشافي لوضعي فأنا في رمضان الماضي حصل لي عدم انتظام في الدورة الشهرية (أنا غير متزوجة) فمن أول الشهر إلى آخره تقريبا وأنا ينزل معي قطرات من الدم ولا أدري هل هي حيض أم استحاضة وصمت طول الشهر ولم أفطر وأتوضأ لكل صلاة وأصلي، التبس علي الموضوع أخاف أفطر ويكون دم استحاضة وليس حيضا وأصلي وأقول يارب تسامحني إذا كنت حائضا فلقد اختلط علي شكل الدم فأحيانا يكون أحمر وأحيانا يكون أحمر قاتما والغريب أنني كلما أستحم أي أغتسل اعتقادا مني أنني طهرت وانقطع الدم يأخذ الدم في الخروج مرة أخرى وحالتي النفسية ساءت وتساقط شعري بسبب البكاء والحزن سؤالي: هل أعيد صيام الشهر مرة أخرى، علما بأنني صمت إلى الآن 7 أيام وتبقى 23 يوما أم ماذا أفعل علما بأنني لم أفطر في رمضان لخوفي، فأفيدوني جزاكم الله خيرا، وماذا أعتبر وجود خيوط من الدم بعد الطهر؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المرأة إذا رأت الدم في زمن إمكان الحيض اعتبرته حيضا، فإذا استمر عليها أكثر من خمسة عشر يوما فإنها مستحاضة، والمستحاضة تعتبر طاهرا تصلي وتصوم ويحل لها ما يحل للطاهر، ويجب عليها الوضوء لوقت كل صلاة بعد دخول وقتها عند جمهور الفقهاء، وقبل الوضوء تغسل النجس وتشد المحل بما يمنع الدم من النزول، ثم إنها في حال استمرار الدم أكثر من خمسة عشر يوما ترجع في تحديد فترة الحيض من الطهر إلى التمييز بين الحيض وغيره باللون أو الرائحة أو الكثافة، فما ميزت أنه دم حيض بسبب تغير لونه من حمرة إلى سواد أو من أحمر إلى أشد أحمرارا أو بكثرته أو قوته وكثافته فهو حيض ما لم يتجاوز أكثر الحيض، وما زاد على ذلك فدم استحاضة لا يمنع مما يمنع منه الحيض، فإن لم تميز دم الحيض من غيره رجعت إلى عادتها فتجلس مدتها فقط هذا على المذهب الشافعي، وعند الحنابلة ترجع في تحديد فترة الحيض إلى عادتها إن كانت لها عادة معلومة فتجلس أيامها، وما زاد عليها يعتبر استحاضة لا يمنعها الصلاة ونحوها -كما سبق- سواء ميزت أم لا، وإذا لم تميز ولم تكن لها عادة فتحيض ستة أيام أو سبعة أيام؛ كما في الحديث.
هذا كله مع الأخذ في الاعتبار أن فترة الحيض لا تزيد على خمسة عشر يوما كما تقدم، وقد ينقص، وأن فترة الطهر لا تقل عن هذه الفترة أيضا وتزيد على ذلك كثيرا، وعلى هذا فإذا كان الدم الذي يأتي في شكل قطرات متواصلا ونزل بعد مضي خمسة عشر يوما من انتهاء الدورة السابقة واستمر أكثر من خمسة عشر يوما فقد كان على السائلة أن تعتبر نفسها حائضا في الأيام التي يتميز فيها لون الدم من أحمر إلى أحمر قاتم ما لم تتجاوز أيام الحيض خمسة عشر يوما أكثر الحيض، فما زاد عليها تعتبره استحاضة، فإن لم تميز رجعت إلى العادة.
قال في مغني المحتاج على شرح المنهاج في الفقه الشافعي عند قول المؤلف: ويحكم للمعتادة المميزة بالتمييز لا العادة في الأصح، حيث خالف العادة، كما لو كان عادتها خمسة من أول كل شهر وباقيه طهر، فاستحيضت فرأت عشرة سوادا من أول الشهر وباقية حمرة، فحيضها العشرة السواد لحديث: دم الحيض أسود يعرف. ولأن التمييز علامة في الدم، والعادة علامة في صاحبته، ولأنه علامة حاضرة، والعادة علامة قد انقضت. والثاني يحكم بالعادة لأن العادة قد ثبتت واستقرت وصفة الدم بصدد الزوال، فعلى هذا يكون حيضها الخمسة الأولى منها، والباقي بعد العشرة على الأول، والخمسة على الثاني طهر، وعند التوافق الأمر واضح. انتهى. يعني بالتوافق توافق العادة مع التمييز.
وقال ابن قدامة في المغني في الفقه الحنبلي: وإن تجاوزت الزيادة أكثر الحيض، فهي استحاضة، ولا تجلس غير أيام العادة بكل حال. انتهى.
وحيث إن الأخت السائلة استمرت تصلي وتصوم طيلة الشهر، فإن عليها قضاء صوم الأيام التي تميز فيها دم الحيض من غيره لأن الحيض يمنع صحة الصوم، فإن لم تميز قضت أيام عادتها، وعلى القول باعتبار العادة تقضي أيامها بغض النظر عن التمييز.
أما خيوط الدم التي توجد بعد الطهر فإن وجدت قبل مضي خمسة عشر يوما من ابتداء نزول الدورة السابقة فهي من بقيتها، وتعتبر كذلك ما لم تتجاوز فترة الدورة كلها أكثر الحيض فعند ذلك تعتبر مستحاضة ترجع إلى التمييز أو إلى العادة كما تقدم، وإن نزلت هذه الخيوط بعد مرور خمسة عشر يوما من ابتداء الحيض وقبل مرور خمسة عشر يوما من الطهر فهي دم فساد، وإن جاءت بعد خمسة عشر يوما من الطهر فهي حيض جديد إن تواصل نزولها يوما وليلة؛ وإلا فهي دم فساد لأن أقل دم الحيض يوم وليلة على الراجح.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 79037، والفتوى رقم: 78609.
والله أعلم.