المسألة الثالثة
>[1] القرآن مشتمل على آيات محكمة ومتشابهة على ما قال تعالى : (
منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات )
>[2] أما المحكم فأصح ما قيل فيه قولان :
الأول أن المحكم ما ظهر معناه ، وانكشف كشفا يزيل الإشكال ويرفع الاحتمال ، وهو موجود في كلام الله تعالى .
والمتشابه المقابل له ما تعارض فيه الاحتمال إما بجهة التساوي كالألفاظ المجملة ، كما في قوله تعالى : (
والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) ، لاحتماله زمن الحيض والطهر على السوية .
وقوله تعالى : (
أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ) لتردده بين الزوج والولي .
وقوله : (
أو لامستم النساء ) لتردده بين اللمس باليد والوطء ، أو لا على جهة التساوي كالأسماء المجازية ، وما ظاهره موهم للتشبيه ، وهو مفتقر
[ ص: 166 ] إلى تأويل كقوله تعالى : (
ويبقى وجه ربك ) ، (
ونفخت فيه من روحي ) ، (
مما عملت أيدينا ) ، (
الله يستهزئ بهم ) ، (
ومكروا ومكر الله ) ، (
والسماوات مطويات بيمينه ) ، ونحوه من الكنايات والاستعارات المؤولة بتأويلات مناسبة لأفهام العرب
>[3] .
وإنما سمي متشابها لاشتباه معناه على السامع ، وهذا أيضا موجود في كلام الله تعالى .
القول الثاني : إن
المحكم ما انتظم وترتب على وجه يفيد إما من غير تأويل ، أو مع التأويل من غير تناقض واختلاف فيه ، وهذا أيضا متحقق في كلام الله تعالى .
والمقابل له ما فسد نظمه واختل لفظه ، ويقال : فاسد ، لا متشابه .
وهذا غير متصور الوجود في كلام الله تعالى .
وربما قيل : المحكم ما ثبت حكمه من الحلال والحرام ، والوعد والوعيد ونحوه .
والمتشابه ما كان من القصص والأمثال ، وهو بعيد عما يعرفه أهل اللغة وعن مناسبة اللفظ له لغة .