( باب
ما جاء في قدح رسول الله صلى الله عليه وسلم )
في المغرب القدح بفتحتين الذي يشرب به .
( حدثنا
الحسين بن الأسود البغدادي ، حدثنا
عمرو بن محمد ، حدثنا عيسى بن طهمان عن
ثابت ، قال : أخرج إلينا
أنس بن مالك قدح خشب ) بالإضافة البيانية وأغرب
ابن حجر وقال : أو بمعنى من مع أنهما واحد ( غليظا مضببا بحديد ) وفي المغرب باب مضبب مشدود بالضبات ، جمع ضبة ، وهي حديدته العريضة التي يضبب بها ، وهما بالنصب في جميع الأصول المعتمدة للشمائل على أنه صفة القدح ، وأغرب
ابن حجر ، وجعل أصل الحديث بجرهما ، ثم قال : وفي نسخة " غليظا مضببا " ، قال : والأولى موافقة لرواية جامع المؤلف وكلاهما جائز ، ثم قال : وأما ترجيح الثانية ; لأن الحكم على المشار إليه أي كما سيأتي بجميع خصوصياته ، وجعل الأولى من قبيل " جحر ضب خرب " ، مما جر على المجاورة فبعيد ، والفرق بين ما هاهنا ، وما في " جحر ضب خرب " ، أوضح من أن يلتبس على مثل ذلك القائل .
قلت : ولعل القائل أراد به أنه يقاربه ، لا أنه يماثله بعينه ، فإنه في الجملة يصح أن يوصف الخشب بكونه غليظا مضببا ، لكنه غير صحيح في المعنى المراد
[ ص: 294 ] هنا ، فإن الإضافة في قدح خشب بمعنى من ، ولا شك أن القدح ما أخذ من خشب مضببا ، وأيضا فالمراد من وصف الغليظ أن يكون للقدح لا أنه للخشب ، فإنه لا كلام فيه فالصواب أن يثبت . في الجامع " غليظ مضبب " أي يقرأ بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، أي وذلك القدح غليظ مضبب ، وعلى تقدير صحة رواية الرفع لا يجعل أصلا بل يذكر رواية .
نعم ذكر شارح لهذا الكتاب أنه في بعض النسخ " غليظ مضبب " ، كما روي في شرح السنة وليس فيه نص على أنه مرفوع أو مجرور ، فينبغي أن يحمل على الوجه الصحيح إلا إذا ورد جرهما بالنقل الصريح ( فقال ) أي
أنس ( يا
ثابت هذا قدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وفيه دليل على كمال تواضعه ، وترك تكلفه ، قال
ميرك : وقد ثبت في الصحيح أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان عند
أنس هو قدح جيد عريض أي طوله أقصر من عرضه ، اتخذ من النضار بضم النون وخفة المعجمة ، ومعناه العود الخالص ، وقال بعض أرباب السير : أصله من النبع بفتح النون ، وسكون الموحدة ، وقيل : أنه كان من الأثل يميل إلى الصفرة ، وفي الصحيح أيضا أنه قد انصدع فسلسل بعضه ببعض بفضة ، فيحتمل أن الواصل هو النبي صلى الله عليه وسلم أو
أنس ، وكلام
العسقلاني يميل إلى الأول ، حيث قال : هو الظاهر ، ويؤيده ما ورد في الصحيح أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم قد انصدع ، فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة ، ثم قال : ويحتمل أن يكون الواصل
أنسا ، ويؤيده ما رواه
البيهقي عن
أنس ، ولفظه " فجعلت مكان الشعب سلسلة " ، انتهى .
والظاهر أن يحمل قوله : فاتخذ على أنه أمر بالاتخاذ على الإسناد المجازي ، ويحمل قوله : فجعلت على الإسناد الحقيقي ، فاتفق الروايتان .
قلت : ويمكن أن يقرأ فجعلت على صيغة المجهول مسندا إلى سلسلة ، أو فجعلت سلسلة أخرى ، أو فأردت أن أجعل مكان الشعب سلسلة من ذهب ، لما قد صح أيضا أن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك أراد أن يجعل مكان حلقة قدح النبي صلى الله عليه وسلم حلقة من ذهب أو فضة ، فنهاه أبو طلحة زوج
أم سليم والدة
أنس ، وقال : لا تغير شيئا صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجاء في رواية عن
أنس أنه قال : لقد سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا القدح أكثر من كذا وكذا ، قال
ابن حجر : فاشترى هذا القدح من ميراث
النضر بن أنس بثمان مائة ألف ، وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أنه رآه
بالبصرة وشرب منه ، وروى
أحمد عن
عاصم رأيته عند
أنس فيه ضبة من فضة .