فصل
قال الدرجة الثانية :
الخروج عن الخوف إلى ميدان القبض ، والصعود من الرجاء إلى ميدان البسط ، ثم الترقي من السرور إلى ميدان المشاهدة .
ذكر في الدرجة الأولى : كيف يحفظ الحد بين المقامات ، حتى لا يتعدى إلى غلو أو جفاء . وذلك سوء أدب .
فذكر مع الخوف : أن يخرجه إلى اليأس ، ومع الرجاء : أن يخرجه إلى الأمن ، ومع
[ ص: 373 ] السرور : أن يخرجه إلى الجرأة .
ثم ذكر في هذه الدرجة : أدب الترقي من هذه الثلاثة إلى ما يحفظه عليها . ولا يضيعها بالكلية . كما أن في الدرجة الأولى : لا يبالغ به . بل يكون خروجه من الخوف إلى القبض ، يعني لا يزايل الخوف بالكلية ، فإن قبضه لا يؤيسه ولا يقنطه . ولا يحمله على مخالفة ولا بطالة . وكذلك رجاؤه لا يقعد به عن ميدان البسط . بل يكون بين القبض والبسط . وهذه حال الكمال . وهي السير بين القبض والبسط .
وسروره : لا يقعد به عن ترقيه إلى ميدان مشاهدته ، بل يرقى بسروره إلى المشاهدة . ويرجع من رجائه إلى البسط . ومن خوفه إلى القبض .
ومقصوده : أن ينتقل من أشباح هذه الأحوال إلى أرواحها . فإن الخوف شبح . والقبض روحه . والرجاء شبح ، والبسط روحه . والسرور شبح ، والمشاهدة روحه . فيكون حظه من هذه الثلاثة : أرواحها وحقائقها ، لا صورها ورسومها .