ذكر
ابتداء حال أبي عبد الله البريدي وإخوته
لما ولي
علي بن عيسى الوزارة كان
أبو عبد الله بن البريدي قد ضمن الخاصة ، وكان أخوه
أبو يوسف على
سرق ، فلما استعمل
علي بن عيسى العمال ، ورتبهم في الأعمال ، قال
أبو عبد الله : تقلد مثل هؤلاء على هذه الأعمال الجليلة ، وتقتصر بي على ضمان الخاصة
بالأهواز ، وبأخي
أبي يوسف على
سرق ! لعن الله من يقنع بهذا منك ، فإن لطلبي صوتا سوف يسمع بعد أيام .
فلما بلغه اضطراب أمر
علي بن عيسى أرسل أخاه
أبا الحسين إلى
بغداذ ( وأمره أن يخطب له أعمال
الأهواز وما يجري معها إذا تجددت وزارة ) لمن يأخذ
الرشا ، ويرتفق ، فلما وزر
أبو علي بن مقلة بذل له عشرين ألف دينار على ذلك ، فقلد
أبا عبد الله الأهواز جميعها ، سوى
السوس وجنديسابور ، وقلد أخاه
أبا الحسين الفراتية ، وقلد أخاهما
أبا يوسف الخاصة والأسافل ، على أن يكون المال في ذمة
أبي أيوب السمسار إلى أن يتصرفوا في الأعمال .
وكتب
أبو علي بن مقلة إلى
أبي عبد الله في القبض على
ابن أبي السلاسل ، فسار
[ ص: 724 ] بنفسه فقبض عليه
بتستر ، وأخذ منه عشرة آلاف دينار ولم يوصلها ، وكان متهورا لا يفكر في عاقبة أمر ، وسيرد من أخباره ما يعلم به دهاؤه ، ومكره وقلة دينه ، وتهوره .
ثم إن
أبا علي بن مقلة جعل
أبا محمد الحسين بن أحمد المادرائي مشرفا على
أبي عبد الله ، فلم يلتفت إليه .
(
البريدي بالباء الموحدة والراء المهملة منسوب إلى البريد ، هكذا ذكره
الأمير ابن ماكولا ، وقد ذكره
ابن مسكويه بالياء المعجمة باثنتين من تحت ، والزاي ، وقال : كان جده يخدم
يزيد بن منصور الحميري ، فنسب إليه ، والأول أصح ، وما ذكرنا قول
ابن مسكويه إلا حتى لا يظن ظان أننا لم نقف عليه ، وأخطأنا الصواب ) .