[ ص: 83 ] 442
ثم دخلت سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة
ذكر
ملك طغرلبك أصبهان
كان
أبو منصور بن علاء الدولة صاحب
أصبهان غير ثابت على طريقة واحدة مع السلطان
طغرلبك ، كان يكثر التلون معه ، تارة يطيعه وينحاز إليه ، وتارة ينحرف عنه ويطيع الملك
الرحيم ، فأضمر له
طغرلبك سوءا ، فلما عاد هذه الدفعة من
خراسان لأخذ البلاد الجبلية من أخيه
nindex.php?page=showalam&ids=17395إبراهيم ينال واستولى عليها ، على ما ذكرناه - عدل إلى
أصبهان عازما على أخذها من
أبي منصور ، فسمع ذلك ، فتحصن ببلده واحتمى بأسواره ، ونازله
طغرلبك في المحرم ، وأقام على محاصرته نحو سنة ، وكثرت الحروب بينهما ، إلا أن
طغرلبك قد استولى على سواد البلد ، وأرسل سرية من عسكره نحو
فارس ، فبلغوا إلى
البيضاء ، فأغاروا على السواد هناك وعادوا غانمين .
ولما طال الحصار على
أصبهان ، وأخرب أعمالها - ضاق الأمر بصاحبها وأهلها ، وأرسلوا إليه يبذلون له الطاعة والمال ، فلم يجبهم إلى ذلك ، ولم يقنع منهم إلا بتسليم البلد ، فصبروا حتى نفدت الأقوات ، وامتنع الصبر ، وانقطعت المواد ، واضطر الناس حتى نقضوا الجامع ، وأخذوا أخشابه لشدة الحاجة إلى الحطب ، فحيث بلغ بهم الحال إلى هذا الحد خضعوا له واستكانوا ، وسلموا البلد إليه ، فدخله وأخرج أجناده منه وأقطعهم في بلاد الجبل ، وأحسن إلى الرعية ، وأقطع صاحبها
أبا منصور ناحيتي
يزد وأبرقوية ، وتمكن من
أصبهان ودخلها في المحرم من سنة ثلاث وأربعين [ وأربعمائة ] واستطابها ، ونقل ما كان له
بالري من مال وذخائر وسلاح إليها ، وجعلها
[ ص: 84 ] دار مقامه ، وخرب قطعة من سورها ، وقال : وإنما يحتاج إلى الأسوار من تضعف قوته ، فأما من حصنه عساكره وسيفه فلا حاجة به إليها .