ذكر
مسير التتر الكفار إلى خوارزم شاه وانهزامه وموته
لما ملك الكفار
سمرقند عمد
nindex.php?page=showalam&ids=15657جنكزخان ، لعنه الله ، وسير عشرين ألف فارس . وقال لهم : اطلبوا
خوارزم شاه أين كان ، ولو تعلق بالسماء ، حتى تدركوه وتأخذوه .
وهذه الطائفة تسميها
التتر المغربة لأنها سارت نحو غرب
خراسان ليقع الفرق
[ ص: 342 ] بينهم وبين غيرهم منهم . لأنهم هم الذين أوغلوا في البلاد ، فلما أمرهم
nindex.php?page=showalam&ids=15657جنكزخان بالمسير ساروا وقصدوا موضعا يسمى
بنج آب ، ومعناه خمسة مياه ، فوصلوا إليه ، فلم يجدوا هناك سفينة ، فعملوا من الخشب مثل الأحواض الكبار وألبسوها جلود البقر لئلا يدخلها الماء ووضعوا فيها سلاحهم وأمتعتهم وألقوا الخيل في الماء . وأمسكوا أذنابها ، وتلك الحياض التي من الخشب مشدودة إليهم . فكان الفرس يجذب الرجل والرجل يجذب الحوض المملوء من السلاح وغيره . فعبروا كلهم دفعة واحدة ، فلم يشعر
خوارزم شاه إلا وقد صاروا معه على أرض واحدة .
وكان المسلمون قد ملئوا منهم رعبا وخوفا ، وقد اختلفوا فيما بينهم ، إلا أنهم كانوا يتماسكون بسبب أن نهر
جيحون بينهم ، فلما عبروه إليهم لم يقدروا على الثبات ، ولا على المسير مجتمعين ، بل تفرقوا أيدي سبا ، وطلب كل طائفة منهم جهة ، ورحل
خوارزم شاه لا يلوي على شيء في نفر من خاصته ، وقصدوا
نيسابور ، فلما دخلها اجتمع عليه بعض العسكر ، فلم يستقر حتى وصل أولئك
التتر إليها .
وكانوا لا يتعرضون في مسيرهم لشيء لا بنهب ولا قتل بل يجدون السير في طلبه لا يمهلونه حتى يجمع لهم ، فلما سمع بقربهم منه رحل إلى
مازندران ، وهي له أيضا ، فرحل
التتر المغربون في أثره ، ولم يعرجوا على
نيسابور بل تبعوه ، فكان كلما رحل عن منزلة نزلوها ، فوصل إلى
مرسى من بحر
طبرستان يعرف بباب سكون ، وله هناك قلعة في البحر ، فلما نزل هو وأصحابه في السفن وصلت
التتر ، فلما رأوا
خوارزم شاه وقد دخل البحر وقفوا على ساحل البحر ، فلما أيسو من لحاق
خوارزم شاه رجعوا فهم الذين قصدوا
الري وما بعدها على ما نذكره إن شاء الله .
هكذا ذكر لي بعض الفقهاء ممن كان
ببخارى وأسروه معهم إلى
سمرقند ، ثم نجا منهم ووصل إلينا . وذكر غيره من التجار أن
خوارزم شاه سار من
مازندران حتى وصل إلى
الري ثم منها إلى
همذان ،
والتتر في أثره ففارق
همذان في نفر يسير ،
[ ص: 343 ] جريدة ، ليستر نفسه ويكتم خبره ، وعاد إلى مازندران وركب في البحر إلى هذه القلعة .
وكان هذا هو الصحيح فإن الفقيه كان حينئذ مأسورا ، وهؤلاء التجار أخبروا أنهم كانوا
بهمذان ، ووصل
خوارزم شاه ، ثم وصل بعده . من أخبره بوصول
التتر ، ففارق
همذان ، وكذلك أيضا هؤلاء التجار فارقوها ، ووصل
التتر إليها بعدهم ببعض نهار ، فهم يخبرون عن مشاهدة ; ولما وصل
خوارزم شاه إلى هذه القلعة المذكورة توفي فيها .