تذنيب : ذكر الأصحاب أن
الأمة الموقوفة يزوجها الحاكم ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي : هذا إذا لم يكن للوقف ناظر خاص ، فإن كان له ناظر خاص فهو الذي يزوج ، قال
ابن العماد في " توقيف الحكام على غوامض الأحكام " : وقد اغتر صاحب المهمات بمقالة
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي ، فجعلها تقييدا لإطلاقهم ، وأخطأ في ذلك ، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي بنى جوابه في المسألة على أن ولاية التزويج تابعة لولاية المال - وهو وجه ضعيف - والأكثرون على خلافه ،
والرافعي نقل هنا عن الأكثرين أن الحاكم يزوج انتهى ، وهذا نظير ما نحن فيه من أن
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي بنى جوابه في هذه المسألة على اختياره أنه لا يخلو استمتاع بزوجة من استحقاق نفقة حتى إنه أوجب للأمة المسلمة ليلا لا نهارا شطر النفقة - وهو خلاف المصحح في المذهب - وقول الجمهور ، فلا يغترن أحد بذلك ، ويجعله تقييدا لإطلاق الأصحاب فتأنس بذلك .
تأكيد : وقد اختار
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي أيضا وجوب النفقة في مسائل ، على خلاف ما رجحه
[ ص: 271 ] الأكثرون ، والشيخان ، قال
ابن الرفعة في الكفاية : لو
سافرت بإذنه في حاجتها ، ولم يكن معها فقولان : أحدهما لا تسقط النفقة ؛ لأنها سافرت بالإذن وهذا أظهر عند
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي ، وأظهرهما عند أكثر الأصحاب أنها تسقط ؛ لأنها غير ممكنة ، وبه قطع بعضهم ، وقال
ابن الرفعة أيضا : لو صامت تطوعا سقطت نفقتها ، وفي وجه لا تسقط ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي : إن لم يدعها إلى الخروج بالاستمتاع فهي على حقها ، وإن دعاها فأبت ، فإن كان ذلك في أول النهار سقطت نفقتها ، وإن كان في آخره فلا ؛ لقرب الزمان .
قال
ابن الرفعة : ويفهم من كلامه أنه لو دعاها إلى الخروج بغير الاستمتاع فلم تفعل كانت على حقها ، وهذا وجه ثالث حكاه في العدة ، قال
الرافعي : وقد استحسن
الروياني هذا التفصيل ، والأكثرون سكتوا عنه انتهى .
فانظر : إلى هذين الفرعين كيف قال
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي فيهما بوجوب النفقة على خلاف ما عليه الأكثرون ؛ مشيا على أصله في أنه لا تخلو زوجة عن نفقة ، وانظر إلى
الرافعي كيف لم يعتبر تفصيله في الفرع الثاني ، ولا قيد به إطلاق الأصحاب ، بل نبه على أن الأكثرين سكتوا عنه .
وهكذا المسألة التي نحن فيها أطلق الأصحاب فيها عدم وجوب النفقة ، ولم يقيدوه بما إذا استمتع ، ولم أر هذا القيد إلا في كلام
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي وحده ؛ جريا على ما اختاره في مسألة الأمة وغيرها من وجوب النفقة على خلاف قول الأكثرين فتفطن إن كنت من أهل الفطنة ، وإلا فخل الهوى لرجاله ، ومما يؤيد أن هذا التخصيص الذي قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي ليس بمعتمد أن
الرافعي لم يعول على ذكره ، بل أطلق المسألة كما أطلقها سائر الأصحاب ، وكذا
ابن الرفعة في الكفاية لم ينبه عليه أصلا ، مع حرصه على تتبع ما أغفله
الرافعي من القيود والتخصيصات ، وغير ذلك ، وما ذاك إلا لأنه رآه مفرعا على طريقة مرجوحة ، فأعرض عن التشاغل به .
وإذ قد انتهى القول فيما أوردناه ، فلنلخص الكلام في المسألة فنقول : إذا
سكن الزوج في بيت زوجته أو عند أهلها فله أحوال .
أحدها : أن يكون هو الطالب لذلك والمرأة أو أهلها كارهون لذلك ، مريدون منه أن ينقل زوجته إلى مكان يستأجره ، فهذا عليه النفقة وأجرة المنزل كما هو واضح ، وفي المحيط من كتب الحنفية : أنها إذا منعته من الدخول في منزلها ، وقد سألته أن يحولها إلى منزله لا تكون ناشزة ، وتستحق النفقة وهو واضح .
[ ص: 272 ] الحال الثاني : أن تعرض المرأة ، أو أهلها ذلك عليه عرضا من غير امتناع من النقلة معه فيرضى بذلك فهذا أيضا لا يسقط النفقة ؛ لأنها بحيث لو طلب منها النقلة إلى منزله لأجابت ، وهذه الصورة بعينها مصرح بها في الكفاية
لسليم الرازي ، ومأخوذة من عبارة الروضة ، وهل عليه في هذه الحالة أجرة المنزل ؟ ينظر ، فإن صرح بعقد إجارة لزمته الأجرة ، أو صرح بإباحة السكنى له لم تلزمه ، وإن سكت ففيه احتمالان عندي ، ثم رأيت
ابن العماد جزم في توقيف الحكام ، بأن عليه الأجرة لمدة مقامه معها ، قال : لأنه لا ينسب إلى ساكت قول ؛ ولأن عدم المنع أعم من الإذن ، فإن أذنت فلا أجرة لمدة سكت انتهى .
الحال الثالث : أن يطلب الزوج تحويلها إلى منزله ، وتمتنع هي من ذلك ، وتقول : لا أسلم إلا في منزلي فيأتي إلى منزلها ، ويستمتع بها فيه ليلا ونهارا ، وهذه الصورة هي محل الكلام ، فالمفهوم من كلام الروضة والشرح ، والتتمة ، وسائر كتب الأصحاب : أنه لا نفقة لها في هذه الحالة إلا ما وقع في كلام
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي ، وقد علمت أنه مفرع على طريقة مرجوحة ، وأنه لم يوجب لها النفقة مطلقا ، بل نفقة زمن الاستمتاع خاصة دون الأيام التي لم يستمتع بها ، أو غاب عنها على خلاف ما لو كانت في منزله ، والله أعلم .