[ ص: 119 ] )
ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير )
قوله تعالى (
ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير )
اعلم أنهم اختلفوا في المراد بقوله : (
ولكل ) وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : إنما قال : (
ولكل ) ولم يقل لكل قوم أو أمة ؛ لأنه معروف المعنى عندهم ، فلم يضر حذف المضاف إليه ، وهو كثير في كلامهم كقوله : (
لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ) [ المائدة : 48 ] .
المسألة الثانية : ذكروا فيه أربعة أوجه .
أحدها : أنه يتناول جميع الفرق ، أعني المسلمين ،
واليهود ،
والنصارى ، والمشركين ، وهو قول
الأصم ، قال : لأن
في المشركين من كان يعبد الأصنام ويتقرب بذلك إلى الله تعالى كما حكى الله تعالى عنهم في قوله : (
هؤلاء شفعاؤنا عند الله ) [ يونس : 18 ] .
وثانيها : وهو قول أكثر علماء التابعين ، أن المراد أهل الكتاب وهم : المسلمون
واليهود والنصارى ، والمشركون غير داخلين فيه .
وثالثها : قال بعضهم : المراد لكل قوم من المسلمين وجهة أي جهة من
الكعبة يصلي إليها : جنوبية أو شمالية ، أو شرقية ، أو غربية ، واحتجوا على هذا القول بوجهين .
الأول : قوله تعالى : (
هو موليها ) يعني : الله موليها ، وتولية الله لم تحصل إلا في
الكعبة ؛ لأن ما عداها تولية الشيطان .
الثاني : أن الله تعالى عقبه بقوله : (
فاستبقوا الخيرات ) والظاهر أن المراد من هذه الخيرات ما لكل أحد من جهة ،
والجهات الموصوفة بالخيرية ليست إلا جهات الكعبة .
ورابعها : قال آخرون : "
ولكل وجهة " أي لكل واحد من الرسل وأصحاب الشرائع جهة قبلة ، فقبلة المقربين : العرش ، وقبلة الروحانيين : الكرسي ، وقبلة الكروبيين : البيت المعمور ، وقبلة الأنبياء الذين قبلك :
بيت المقدس ، وقبلتك
الكعبة .