قال المصنف رحمه الله تعالى : ( وإن اجتمع جماعة عراة ، قال في القديم : الأولى أن يصلوا فرادى ; لأنهم إذا صلوا جماعة لم يمكنهم أن يأتوا بسنة الجماعة ، وهو تقديم الإمام ، وقال في الأم : صلوا جماعة وفرادى . فسوى بين الجماعة والفرادى ; لأن في الجماعة إدراك فضيلة الجماعة وفوات فضيلة سنة الموقف ، وفي الفرادى إدراك فضيلة الموقف وفوات فضيلة الجماعة فاستويا . فإن كان معهم مكتس يصلح للإمامة فالأفضل أن يصلوا جماعة ; لأنهم يمكنهم الجمع بين فضيلة الجماعة وفضيلة الموقف بأن يقدموه ، فإن لم يكن فيهم مكتس وأرادوا الجماعة استحب أن يقف الإمام وسطهم ويكون المأمومون صفا واحدا حتى لا ينظر بعضهم إلى عورة بعض ، فإن لم يمكن إلا صفين ، صلوا وغضوا الأبصار . وإن اجتمع نسوة عراة استحب لهن الجماعة ; لأن سنة الموقف في حقهن لا تتغير بالعري ) .
[ ص: 190 ] الشرح ) إذا اجتمع رجال عراة صحت صلاتهم جماعة وفرادى ، فإن صلوا جماعة وهم بصراء وقف إمامهم وسطهم ، فإن خالف ووقف قدامهم صحت صلاته وصلاتهم ويغضون أبصارهم فإن نظروا لم يؤثر في صحة صلاتهم وهل الأفضل أن يصلوا جماعة ؟ أم فرادى ؟ ينظر - إن كانوا عميا أو في ظلمة بحيث لا يرى بعضهم بعضا - استحب الجماعة بلا خلاف ويقف إمامهم قدامهم ، وإن كانوا بحيث يرون فثلاثة أقوال ( أصحها ) أن الجماعة والانفراد سواء ( والثاني ) الانفراد أفضل ( والثالث ) الجماعة أفضل حكاه الخراسانيون فإن كان فيهم مكتس يصلح للإمامة استحب أن يقدموه ويصلوا جماعة ، قولا واحدا ويكونون وراءه صفا ، فإن تعذر فصفين أو أكثر بحسب الحاجة ، فلو خالفوا فأمهم عار واقتدى به اللابس صحت صلاة الجميع كما تصح صلاة المتوضئ خلف المتيمم وصلاة القائم خلف المضطجع .
وإن اجتمع نساء ورجال عراة لم يصلوا جميعا لا في صف ولا في صفين ، بل يصلي الرجال ، ويكون النساء جالسات خلفهم مستدبرات القبلة ، ثم يصلي النساء ويجلس الرجال خلفهن مستدبرين ، فإن أمكن أن تتوارى كل طائفة في مكان آخر حتى تصلي الطائفة الأخرى فهو أفضل . وقول المصنف : لأن في الفرادى إدراك فضيلة الموقف . قد يستشكل إذ ليس للمنفرد موقفان يقف في أفضلهما ، وجوابه أن المنفرد يأتي بالموقف المشروع له بخلاف إمام العراة . وقوله : وسطهم هو بإسكان السين . وقوله : نسوة عراة لحن وصوابه : عاريات ، ويقال : نسوة بكسر النون وضمها لغتان .