( الشرح ) حديث قيس بن قهد ، بقاف مفتوحة ثم هاء ساكنة ثم دال ، رواه أبو داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وغيرهم ، وإسناده ضعيف فيه انقطاع ، قال الترمذي : الأصح أنه مرسل ، وروي عن قيس بن قهد كما ذكره المصنف ، ورواه أبو داود والأكثرون : قيس بن عمرو وهو الصحيح عند جمهور أئمة الحديث وقد أشرت إلى ذلك في تهذيب الأسماء ، وكيف كان ؟ فمتن الحديث ضعيف عند أهل الحديث ويغني عنه ما سنذكره من الأحاديث الصحيحة في فرع مذاهب العلماء إن شاء الله - تعالى .
وأما حديث : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=29981لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها } " فرواه [ ص: 78 ] nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم من رواية nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أما حكم المسألة ) فمذهبنا : أن النهي عن الصلاة في هذه الأوقات إنما هو عن صلاة لا سبب لها ، فأما ما لها سبب فلا كراهة فيها ، والمراد بذات السبب التي لها سبب متقدم عليها ، فمن ذوات الأسباب : الفائتة فريضة كانت أو نافلة إذا قلنا بالأصح أنه يسن قضاء النوافل فله في هذه الأوقات قضاء الفرائض والنوافل الراتبة وغيرها ، وقضاء نافلة اتخذها وردا ، وله فعل المنذورة ، وصلاة الجنازة وسجود التلاوة والشكر وصلاة الكسوف وصلاة الطواف ولو توضأ في هذه الأوقات فله أن يصلي ركعتي الوضوء ، صرح به جماعة من أصحابنا منهم الرافعي ، ويكره فيها صلاة الاستخارة صرح به البغوي وغيره ، وتكره ركعتا الإحرام بالحج على أصح الوجهين ، وبه قطع الجمهور ; لأن سببهما متأخر ، وبه قطع البندنيجي في كتاب الحج ( والثاني ) : لا يكره حكاه البغوي وغيره ; لأن سببهما إرادة الإحرام وهو متقدم ، وهذا الوجه قوي .
وفي صلاة الاستسقاء وجهان للخراسانيين ( أصحهما ) : لا يكره ، وحكاه الإمام والغزالي في البسيط عن الأكثرين ، وقطع به nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب في تعليقه والعبدري ; لأن سببها متقدم ( والثاني ) : تكره كصلاة الاستخارة ، وهكذا عللوه ، قال الرافعي : وقد يمنع الأول كراهة صلاة الاستخارة ، وأما تحية المسجد فقال أصحابنا : إن دخله لغرض كاعتكاف أو لطلب علم أو انتظار صلاة ونحو ذلك من الأغراض صلى التحية ، وإن دخله لا لحاجة بل ليصلي التحية فقط فوجهان : ( أرجحهما ) الكراهة ، كما لو تعمد تأخير الفائتة ليقضيها في هذه الأوقات فإنه يكره لقوله صلى الله عليه وسلم " { nindex.php?page=hadith&LINKID=29981لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ، ولا غروبها } " ( والثاني ) : لا يكره واختاره الإمام والغزالي في البسيط وحكى صاحب البيان وغيره وجها في كراهة تحية المسجد في هذه الأوقات من غير تفصيل ، وهذا غلط نبهت عليه لئلا يغتر به وقد حكاه الصيدلاني وإمام الحرمين والغزالي في البسيط عن أبي عبد الله الزبيري ، واتفقوا على أنه غلط
وتلك الصلاة من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم وممن صححه الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد .
( فرع ) في مذاهب العلماء في جواز الصلاة التي لها سبب في هذه الأوقات : قد ذكرنا أن مذهبنا أنها لا تكره ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير بن العوام وابنه nindex.php?page=showalam&ids=50وأبو أيوب nindex.php?page=showalam&ids=114والنعمان بن بشير nindex.php?page=showalam&ids=155وتميم الداري وعائشة رضي الله عنهم .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : لا يجوز شيء من ذلك ووافقنا جمهور الفقهاء في إباحة الفوائت في هذه الأوقات ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : تباح الفوائت بعد الصبح والعصر ، ولا تباح في الأوقات الثلاثة إلا عصر يومه فتباح عند اصفرار الشمس ، وتباح المنذورة في هذه الأوقات عندنا ، ولا تباح عند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : وأجمع المسلمون على إباحة صلاة الجنائز بعد الصبح والعصر ونقل العبدري في كتاب الجنائز عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق أن صلاة الجنازة منهي عنها عند طلوع الشمس ، وعند غروبها ، وعند استوائها ، ولا تكره في الوقتين الآخرين ونقل nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض في شرح صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=15858داود الظاهري أنه أباح الصلاة لسبب وبلا سبب في جميع الأوقات ، والمشهور من مذهب nindex.php?page=showalam&ids=15858داود منع الصلاة في هذه الأوقات ، سواء ما لها سبب وما لا سبب لها ، وهو رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد واحتج nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة وموافقيه بعموم الأحاديث الصحيحة في النهي .
والجواب عن أحاديث النهي أنها عامة ، وهذه خاصة ، والخاص مقدم على العام سواء تقدم عليه أو تأخر ، فإن قيل : لا حجة في حديثي nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة ; لأن هذه المداومة على الصلاة بعد العصر مخصوصة بالنبي صلى الله عليه وسلم قلنا : في المسألة وجهان لأصحابنا سبقا ( أحدهما ) : جواز مثل هذا لكل أحد ( وأصحهما ) : لا تباح المداومة لغير النبي صلى الله عليه وسلم فعلى هذا يكون الاستدلال بفعله صلى الله عليه وسلم في أول يوم والله أعلم .
( فرع ) في بيان حديثين يستشكل الجمع بينهما وهما حديث النهي عن الصلاة بعد الصبح والعصر وغيرهما مع حديث : { nindex.php?page=hadith&LINKID=9924إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين } " فإذا دخل المسجد في بعض هذه الأوقات فقد ذكرنا أن مذهبنا أنه يستحب أن يصلي تحية المسجد للحديث فيها ، والجواب عن أحاديث النهي أنها مخصوصة كما سبق فإن قيل : حديث النهي عام في الصلوات خاص في بعض الأوقات وحديث التحية عام في الأوقات خاص في بعض الصلوات فلم رجحتم تخصيص حديث النهي دون تخصيص حديث التحية ؟ قلنا : حديث النهي دخله التخصيص بالأحاديث التي ذكرناها في صلاة العصر وصلاة الصبح ، وبالإجماع الذي نقلناه في صلاة الجنازة .
وأما حديث [ ص: 81 ] تحية المسجد فهو على عمومه لم يأت له مخصص .
ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم الداخل يوم الجمعة في حال الخطبة بالتحية بعد أن قعد .
ولو كانت التحية تترك في وقت لكان هذا الوقت ; لأنه يمنع في حال الخطبة من الصلاة إلا التحية ، ولأنه تكلم في الخطبة وبعد أن قعد الداخل ، وكل هذا مبالغة في تعميم التحية .
( فرع ) عن وهب بن الأجدع عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=30347لا تصلوا بعد العصر إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة } " وفي رواية ( نقية ) رواه أبو داود وغيره بإسناد حسن وظاهره يخالف الأحاديث الصحيحة في تعميم النهي من حين صلاة العصر إلى غروب الشمس ويخالف أيضا ما عليه مذاهب جماهير العلماء وجوابه مر .