( الشرح ) في هذه القطعة جمل من الأحاديث والأسماء واللغات والأحكام يحصل بيانها إن شاء الله تعالى بمسائل : ( إحداها ) : حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=14396السواك مطهرة للفم مرضاة للرب } " حديث صحيح رواه أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة إمام الأئمة في صحيحه nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في سننهما وآخرون بأسانيد صحيحة ، وذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه في كتاب الصيام تعليقا فقال : وقالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=14396السواك مطهرة للفم مرضاة للرب } وهذا التعليق صحيح ; لأنه بصيغة جزم ، وقد ذكرت في علوم الحديث أن تعليقات nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري إذا كانت بصيغة الجزم فهي صحيحة . والمطهرة بفتح الميم وكسرها لغتان ذكرهما nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت وآخرون وهي كل إناء يتطهر به ، شبه السواك بها لأنه ينظف الفم . والطهارة : النظافة . وقوله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=11078مرضاة للرب } قال العلماء : الرب بالألف واللام لا يطلق إلا على الله تعالى بخلاف رب فإنه يضاف إلى المخلوق ، فيقال رب المال ورب الدار ورب الماشية كما قال النبي [ ص: 325 ] صلى الله عليه وسلم في الحديث في ضالة الإبل : { nindex.php?page=hadith&LINKID=18846دعها حتى يأتيها ربها } ، وقد أنكر بعضهم إضافة رب إلى الحيوان وهذا الحديث يرد قوله . وقد أوضحت كل هذا بدلائله في آخر كتاب الأذكار . ومما جاء في فضل السواك مطلقا حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=1552أكثرت عليكم في السواك } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في باب الجمعة والله أعلم .
وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=20810صلاة بسواك خير من سبعين بغير سواك } " فضعيف رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طرق وضعفها كلها وكذا ضعفه غيره ، وذكره nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في المستدرك وقال : هو صحيح على شرط nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وأنكروا ذلك على nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وهو معروف عندهم بالتساهل في التصحيح ، وسبب ضعفه أن مداره على nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق وهو مدلس ولم يذكر سماعه ، والمدلس إذا لم يذكر سماعه لا يحتج به بلا خلاف كما هو مقرر لأهل هذا الفن وقوله : أنه على شرط nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ليس كذلك فإن nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق لم يرو له nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم شيئا محتجا به ، وإنما روى له متابعة ، وقد علم من عادة nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وغيره من أهل الحديث أنهم يذكرون في المتابعات من لا يحتج به للتقوية لا للاحتجاج ، ويكون اعتمادهم على الإسناد الأول وذلك مشهور عندهم ، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي أتقن في هذا الفن من شيخه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وقد ضعفه والله أعلم . ويغني عن هذا الحديث حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=33717لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة } " رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم ، وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري " مع كل صلاة " وقد غلط بعض الأئمة الكبار فزعم أن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري لم يروه وجعله من أفراد nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في كتاب الجمعة . وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=18العباس فهو ضعيف رواه أبو بكر بن أبي خيثمة في تاريخه ثم nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن nindex.php?page=showalam&ids=18العباس ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وإسنادهما ليس بقوي ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : هو حديث مختلف في إسناده وضعفه أيضا غيره ، ويغني عنه في الدلالة حديث : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=14396السواك مطهرة للفم } " والله أعلم . وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : " إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك " فهو في الصحيحين بهذا اللفظ من رواية nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما ، لا من [ ص: 326 ] رواية nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، وقيل : إن ذكر nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة وهم من المصنف وعدوه من غلطه والله أعلم .
المسألة الثانية في لغاته : قال أهل اللغة : السواك بكسر السين ويطلق السواك على الفعل وهو الاستياك وعلي الآلة التي يستاك بها ويقال في الآلة أيضا مسواك بكسر الميم ، يقال : ساك فاه يسوكه سوكا ، فإن قلت : استاك ، لم تذكر الفم . والسواك مذكر نقله الأزهري عن العرب ، قال : وغلط الليث بن المظفر في قوله : إنه مؤنث ، وذكر صاحب المحكم أنه يؤنث ويذكر لغتان ، قالوا : وجمعه سوك بضم السين والواو ككتاب وكتب ويخفف بإسكان الواو ، وقال صاحب المحكم : قال nindex.php?page=showalam&ids=11991أبو حنيفة : يعني الدينوري الإمام في اللغة : ربما همز فقيل سؤاك ، قال : والسواك مشتق من ساك الشيء إذا دلكه ، وأشار غيره إلى أنه مشتق من التساوك يعني التمايل ، يقال : جاءت الإبل تتساوك أي تتمايل في مشيتها ، والصحيح أنه من ساك إذا دلك ، هذا مختصر كلام أهل اللغة فيه . وهو في اصطلاح الفقهاء استعمال عود أو نحوه في الأسنان لإذهاب التغير ونحوه والله أعلم . وقوله : " مطهرة للفم مرضاة للرب سبق شرحهما ، وميم الفم مخففة على المشهور ، وفي لغية يجوز تشديدها ، وقد بسطت ذلك في تهذيب الأسماء واللغات ، وقوله : " يستحب في ثلاثة أحوال " كذا هو في المهذب ثلاثة وهو صحيح ، وفي الحال لغتان التذكير والتأنيث فيقال ثلاثة أحوال ، وثلاث أحوال ، وحال حسن ، وحالة حسنة . وقوله : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=20810صلاة بسواك خير من سبعين صلاة بغير سواك } " معناه ثوابها أكثر من ثواب سبعين ، وقوله : لا تدخلوا علي قلحا بضم القاف وإسكان اللام والحاء المهملة جمع أقلح وهو الذي على أسنانه قلح بفتح القاف واللام وهو صفرة ووسخ يركبان الأسنان . قال صاحب المحكم : ويقال فيه أيضا القلاح بضم القاف وتخفيف اللام ويقال قلح الرجل بفتح القاف وكسر اللام وأقلح . وقوله : وقد يكون بالأزم وهو ترك الأكل ، الأزم بفتح الهمزة وإسكان الزاي وأصله في اللغة الإمساك وذكره nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وتأوله أصحابنا . تأويلين [ ص: 327 ] أحدهما : الجوع ، والثاني : السكوت وكلاهما صحيح ، وقول المصنف : " ترك الأكل " كان ينبغي أن يقول : " ترك الأكل والشرب " . وقوله : " يشوص فاه " بضم الشين المعجمة وبالصاد المهملة ، والشوص دلك الأسنان عرضا بالسواك ، كذا قاله nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي وغيره ، وقيل : الغسل وقيل : التنقية ، وقيل غير ذلك ، والصحيح الأول والله أعلم .
المسألة الثالثة : nindex.php?page=showalam&ids=18العباس هو nindex.php?page=showalam&ids=18العباس بن عبد المطلب أبو الفضل عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتمام نسبه في رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين أو ثلاث ، توفي بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين ، وقيل أربع وثلاثين ، وكان أشد الناس سمعا .
المسألة الرابعة في الأحكام : فالسواك سنة ليس بواجب ، هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلا ما حكى الشيخ أبو حامد وأكثر أصحابنا عن nindex.php?page=showalam&ids=15858داود أنه أوجبه ، وحكى صاحب الحاوي أن nindex.php?page=showalam&ids=15858داود أوجبه ولم يبطل الصلاة بتركه ، قال : وقال إسحاق بن راهويه . هو واجب فإن تركه عمدا بطلت صلاته . وهذا النقل عن إسحاق غير معروف ولا يصح عنه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب والعبدري : غلط الشيخ أبو حامد في حكايته وجوبه عن nindex.php?page=showalam&ids=15858داود ، بل مذهب nindex.php?page=showalam&ids=15858داود أنه سنة ; لأن أصحابنا نصوا أنه سنة ، وأنكروا وجوبه ولا يلزم من هذا الرد على أبي حامد . واحتج nindex.php?page=showalam&ids=15858لداود بظاهر الأمر ، واحتج أصحابنا بما احتج به nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الأم والمختصر بحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الذي ذكرناه : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=33723لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة } " قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - : لو كان واجبا لأمرهم به ، شق أو لم يشق . قال العلماء في هذا الحديث إن الأمر للوجوب واستدل أصحابنا بأحاديث أخر وأقيسة ، ولا حاجة إلى الإطالة في الاستدلال إذا لم نتيقن خلافا ، والأحاديث الواردة بالأمر محمولة على الندب جمعا بين الأحاديث والله أعلم .
واعلم أن السواك سنة في جميع الأحوال إلا للصائم بعد الزوال ، ويتأكد استحبابه في أحوال ، هكذا قاله أصحابنا . وعبارة المصنف توهم اختصاص الاستحباب بالأحوال الثلاثة المذكورة وليس الحكم كذلك بل هو مستحب [ ص: 328 ] في كل الأحوال لغير الصائم لقوله صلى الله عليه وسلم : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=14396السواك مطهرة للفم مرضاة للرب } " . وأما الأحوال التي يتأكد الاستحباب فيها فخمسة : أحدها : عند القيام إلى الصلاة ، سواء صلاة الفرض والنفل ، وسواء صلى بطهارة ماء أو تيمم أو بغير طهارة كمن لم يجد ماء ولا ترابا وصلى على حسب حاله ، صرح به الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد والمتولي وغيرهما . الثاني : عند اصفرار الأسنان ودليله حديث : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=14396السواك مطهرة } " وأما احتجاج المصنف له بحديث nindex.php?page=showalam&ids=18العباس فلا يصح لأنه ضعيف كما سبق . الثالث : عند الوضوء اتفق عليه أصحابنا ، ممن صرح به صاحبا الحاوي والشامل وإمام الحرمين والغزالي والروياني وصاحب البيان وآخرون ، ولا يخالف هذا اختلاف الأصحاب في أن السواك هل هو من سنن الوضوء أم لا ؟ فإن ذلك الخلاف إنما هو في أنه يعد من سنن الوضوء أم سنة مستقلة عند الوضوء لا منه ، وكذا اختلفوا في التسمية وغسل الكفين ولا خلاف أنهما سنة ، وإنما الخلاف في كونها من سنن الوضوء ، ودليل استحبابه عند الوضوء حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " { nindex.php?page=hadith&LINKID=33723لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء } " وفي رواية : { nindex.php?page=hadith&LINKID=32505لفرضت عليهم السواك مع الوضوء } وهو حديث صحيح رواه nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم في صحيحيهما وصححاه وأسانيده جيدة ، وذكره nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه في كتاب الصيام تعليقا بصيغة جزم ، وفيه حديث آخر في الصحيح ذكرته في جامع السنة تركته هنا لطوله . الرابع : عند قراءة القرآن ذكره الماوردي والروياني وصاحب البيان والرافعي وغيرهم . والخامس : عند تغير الفم ، وتغيره قد يكون بالنوم وقد يكون بأكل ما له رائحة كريهة ، وقد يكون بترك الأكل والشرب ، وبطول السكوت ، قال صاحب الحاوي : ويكون أيضا بكثرة الكلام والله أعلم . هذه الأحوال الخمسة التي ذكرها أصحابنا ، وفي صحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة { nindex.php?page=hadith&LINKID=9939أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك } " والله أعلم .
( فرع ) قال nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني في المختصر : قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - : أحب السواك للصلوات عند كل حال تتغير فيها الفم . كذا وقع في المختصر " عند " بغير واو ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي حسين أخل nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني بالواو ، وكذا قاله غير nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي ، وهو كما قالوه فقد قاله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - في الأم بالواو ، واتفق نص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - والأصحاب على أن السواك سنة عند الصلاة ، وإن لم يتغير الفم .
( فرع ) في أول كتاب النكاح من الترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=837أربع من سنن المرسلين : الحياء والتعطر والسواك والنكاح } " قال الترمذي : حديث حسن ، هذا كلامه وفي إسناده nindex.php?page=showalam&ids=15689الحجاج بن أرطاة وأبو الشمال ، nindex.php?page=showalam&ids=14078والحجاج ضعيف عند الجمهور ، وأبو الشمال مجهول فلعله اعتضد بطريق آخر فصار حسنا ، وقوله : الحياء هو بالياء لا بالنون وإنما ضبطته لأني رأيت من صحفه في عصرنا وقد سبق بتصحيفه ، وقد ذكر الإمام الحافظ أبو موسى الأصبهاني هذا الحديث في كتابه الاستغناء في استعمال الحناء وأوضحه وقال : هو مختلف في إسناده ومتنه ، يروى عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس وجد مليح كلهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : واتفقوا على لفظ الحياء قال : وكذا أورده nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=11868وأبو الشيخ وابن منده وأبو نعيم وغيرهم من الحفاظ والأئمة ، قال : وكذا هو في مسند الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وغيره من الكتب . ومرادي بذكر هذا الفرع بيان أن السواك كان في الشرائع السابقة والله أعلم .