[ ص: 324 ] قال المصنف - رحمه الله تعالى - باب السواك ( السواك سنة لما روت رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { عائشة } " السواك مطهرة للفم مرضاة للرب : ( أحدها ) : عند القيام للصلاة لما روت ويستحب في ثلاثة أحوال رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { عائشة } " . صلاة بسواك خير من سبعين صلاة بغير سواك
( والثاني ) : عند اصفرار الأسنان لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { العباس } " . والثالث : عند تغير الفم وذلك قد يكون من النوم وقد يكون بالأزم ، وهو ترك الأكل ، وقد يكون بأكل شيء يتغير به الفم لما روت استاكوا ، لا تدخلوا علي قلحا رضي الله عنها قالت : " { عائشة } " وإنما استاك ; لأن النائم ينطبق فمه ويتغير ، وهذا المعنى موجود في كل ما يتغير به الفم فوجب أن يستحب له السواك ) . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك
التالي
السابق
( الشرح ) في هذه القطعة جمل من الأحاديث والأسماء واللغات والأحكام يحصل بيانها إن شاء الله تعالى بمسائل : ( إحداها ) : حديث : " { عائشة } " حديث صحيح رواه السواك مطهرة للفم مرضاة للرب أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة إمام الأئمة في صحيحه والنسائي في سننهما وآخرون بأسانيد صحيحة ، وذكره والبيهقي في صحيحه في كتاب الصيام تعليقا فقال : وقالت البخاري رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم : { عائشة } وهذا التعليق صحيح ; لأنه بصيغة جزم ، وقد ذكرت في علوم الحديث أن تعليقات السواك مطهرة للفم مرضاة للرب إذا كانت بصيغة الجزم فهي صحيحة . والمطهرة بفتح الميم وكسرها لغتان ذكرهما البخاري وآخرون وهي كل إناء يتطهر به ، شبه السواك بها لأنه ينظف الفم . والطهارة : النظافة . وقوله صلى الله عليه وسلم : { ابن السكيت } قال العلماء : الرب بالألف واللام لا يطلق إلا على الله تعالى بخلاف رب فإنه يضاف إلى المخلوق ، فيقال رب المال ورب الدار ورب الماشية كما قال النبي [ ص: 325 ] صلى الله عليه وسلم في الحديث في ضالة الإبل : { مرضاة للرب } ، وقد أنكر بعضهم إضافة رب إلى الحيوان وهذا الحديث يرد قوله . وقد أوضحت كل هذا بدلائله في آخر كتاب الأذكار . ومما جاء في دعها حتى يأتيها ربها مطلقا حديث فضل السواك رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أنس } " رواه أكثرت عليكم في السواك في باب الجمعة والله أعلم . البخاري
وأما حديث : " { عائشة } " فضعيف رواه صلاة بسواك خير من سبعين بغير سواك من طرق وضعفها كلها وكذا ضعفه غيره ، وذكره البيهقي في المستدرك وقال : هو صحيح على شرط الحاكم ، وأنكروا ذلك على مسلم وهو معروف عندهم بالتساهل في التصحيح ، وسبب ضعفه أن مداره على الحاكم وهو مدلس ولم يذكر سماعه ، والمدلس إذا لم يذكر سماعه لا يحتج به بلا خلاف كما هو مقرر لأهل هذا الفن وقوله : أنه على شرط محمد بن إسحاق ليس كذلك فإن مسلم لم يرو له محمد بن إسحاق شيئا محتجا به ، وإنما روى له متابعة ، وقد علم من عادة مسلم وغيره من أهل الحديث أنهم يذكرون في المتابعات من لا يحتج به للتقوية لا للاحتجاج ، ويكون اعتمادهم على الإسناد الأول وذلك مشهور عندهم ، مسلم أتقن في هذا الفن من شيخه والبيهقي وقد ضعفه والله أعلم . ويغني عن هذا الحديث حديث الحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أبي هريرة } " رواه لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة البخاري ، وفي رواية ومسلم " مع كل صلاة " وقد غلط بعض الأئمة الكبار فزعم أن للبخاري لم يروه وجعله من أفراد البخاري ، وقد رواه مسلم في كتاب الجمعة . وأما حديث البخاري فهو ضعيف رواه العباس أبو بكر بن أبي خيثمة في تاريخه ثم عن البيهقي ، ورواه العباس أيضا عن البيهقي وإسنادهما ليس بقوي ، قال ابن عباس : هو حديث مختلف في إسناده وضعفه أيضا غيره ، ويغني عنه في الدلالة حديث : " { البيهقي } " والله أعلم . وأما حديث السواك مطهرة للفم : " إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك " فهو في الصحيحين بهذا اللفظ من رواية عائشة رضي الله عنهما ، لا من [ ص: 326 ] رواية حذيفة بن اليمان ، وقيل : إن ذكر عائشة وهم من عائشة المصنف وعدوه من غلطه والله أعلم .
المسألة الثانية في لغاته : قال أهل اللغة : السواك بكسر السين ويطلق السواك على الفعل وهو الاستياك وعلي الآلة التي يستاك بها ويقال في الآلة أيضا مسواك بكسر الميم ، يقال : ساك فاه يسوكه سوكا ، فإن قلت : استاك ، لم تذكر الفم . والسواك مذكر نقله الأزهري عن العرب ، قال : وغلط الليث بن المظفر في قوله : إنه مؤنث ، وذكر صاحب المحكم أنه يؤنث ويذكر لغتان ، قالوا : وجمعه سوك بضم السين والواو ككتاب وكتب ويخفف بإسكان الواو ، وقال صاحب المحكم : قال الإمام في اللغة : ربما همز فقيل سؤاك ، قال : والسواك مشتق من ساك الشيء إذا دلكه ، وأشار غيره إلى أنه مشتق من التساوك يعني التمايل ، يقال : جاءت الإبل تتساوك أي تتمايل في مشيتها ، والصحيح أنه من ساك إذا دلك ، هذا مختصر كلام أهل اللغة فيه . وهو في اصطلاح الفقهاء استعمال عود أو نحوه في الأسنان لإذهاب التغير ونحوه والله أعلم . وقوله : " مطهرة للفم مرضاة للرب سبق شرحهما ، وميم الفم مخففة على المشهور ، وفي لغية يجوز تشديدها ، وقد بسطت ذلك في تهذيب الأسماء واللغات ، وقوله : " يستحب في ثلاثة أحوال " كذا هو في المهذب ثلاثة وهو صحيح ، وفي الحال لغتان التذكير والتأنيث فيقال ثلاثة أحوال ، وثلاث أحوال ، وحال حسن ، وحالة حسنة . وقوله : " { أبو حنيفة : يعني الدينوري } " معناه ثوابها أكثر من ثواب سبعين ، وقوله : لا تدخلوا علي قلحا بضم القاف وإسكان اللام والحاء المهملة جمع أقلح وهو الذي على أسنانه قلح بفتح القاف واللام وهو صفرة ووسخ يركبان الأسنان . قال صاحب المحكم : ويقال فيه أيضا القلاح بضم القاف وتخفيف اللام ويقال قلح الرجل بفتح القاف وكسر اللام وأقلح . وقوله : وقد يكون بالأزم وهو ترك الأكل ، الأزم بفتح الهمزة وإسكان الزاي وأصله في اللغة الإمساك وذكره صلاة بسواك خير من سبعين صلاة بغير سواك وتأوله أصحابنا . تأويلين [ ص: 327 ] أحدهما : الجوع ، والثاني : السكوت وكلاهما صحيح ، وقول الشافعي المصنف : " ترك الأكل " كان ينبغي أن يقول : " ترك الأكل والشرب " . وقوله : " يشوص فاه " بضم الشين المعجمة وبالصاد المهملة ، والشوص دلك الأسنان عرضا بالسواك ، كذا قاله وغيره ، وقيل : الغسل وقيل : التنقية ، وقيل غير ذلك ، والصحيح الأول والله أعلم . الخطابي
المسألة الثالثة : هو العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتمام نسبه في رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين أو ثلاث ، توفي العباس بن عبد المطلب أبو الفضل بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين ، وقيل أربع وثلاثين ، وكان أشد الناس سمعا .
المسألة الرابعة في الأحكام : فالسواك سنة ليس بواجب ، هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلا ما حكى الشيخ أبو حامد وأكثر أصحابنا عن أنه أوجبه ، وحكى صاحب الحاوي أن داود أوجبه ولم يبطل الصلاة بتركه ، قال : وقال داود إسحاق بن راهويه . هو واجب فإن تركه عمدا بطلت صلاته . وهذا النقل عن إسحاق غير معروف ولا يصح عنه ، وقال القاضي أبو الطيب والعبدري : غلط الشيخ أبو حامد في حكايته وجوبه عن ، بل مذهب داود أنه سنة ; لأن أصحابنا نصوا أنه سنة ، وأنكروا وجوبه ولا يلزم من هذا الرد على داود أبي حامد . واحتج بظاهر الأمر ، واحتج أصحابنا بما احتج به لداود في الأم والمختصر بحديث الشافعي الذي ذكرناه : " { أبي هريرة } " قال لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة - رحمه الله - : لو كان واجبا لأمرهم به ، شق أو لم يشق . قال العلماء في هذا الحديث إن الأمر للوجوب واستدل أصحابنا بأحاديث أخر وأقيسة ، ولا حاجة إلى الإطالة في الاستدلال إذا لم نتيقن خلافا ، والأحاديث الواردة بالأمر محمولة على الندب جمعا بين الأحاديث والله أعلم . الشافعي
واعلم أن السواك سنة في جميع الأحوال إلا للصائم بعد الزوال ، ويتأكد استحبابه في أحوال ، هكذا قاله أصحابنا . وعبارة المصنف توهم اختصاص الاستحباب بالأحوال الثلاثة المذكورة وليس الحكم كذلك بل هو مستحب [ ص: 328 ] في كل الأحوال لغير الصائم لقوله صلى الله عليه وسلم : " { } " . وأما السواك مطهرة للفم مرضاة للرب فخمسة : أحدها : عند القيام إلى الصلاة ، سواء صلاة الفرض والنفل ، وسواء صلى بطهارة ماء أو تيمم أو بغير طهارة كمن لم يجد ماء ولا ترابا وصلى على حسب حاله ، صرح به الشيخ الأحوال التي يتأكد الاستحباب فيها أبو حامد والمتولي وغيرهما . الثاني : عند اصفرار الأسنان ودليله حديث : " { } " وأما احتجاج السواك مطهرة المصنف له بحديث فلا يصح لأنه ضعيف كما سبق . الثالث : عند الوضوء اتفق عليه أصحابنا ، ممن صرح به صاحبا الحاوي والشامل العباس وإمام الحرمين والغزالي والروياني وصاحب البيان وآخرون ، ولا يخالف هذا اختلاف الأصحاب في أن السواك هل هو من سنن الوضوء أم لا ؟ فإن ذلك الخلاف إنما هو في أنه يعد من سنن الوضوء أم سنة مستقلة عند الوضوء لا منه ، وكذا اختلفوا في التسمية وغسل الكفين ولا خلاف أنهما سنة ، وإنما الخلاف في كونها من سنن الوضوء ، ودليل استحبابه عند الوضوء حديث رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " { أبي هريرة } " وفي رواية : { لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء } وهو حديث صحيح رواه لفرضت عليهم السواك مع الوضوء ابن خزيمة في صحيحيهما وصححاه وأسانيده جيدة ، وذكره والحاكم في صحيحه في كتاب الصيام تعليقا بصيغة جزم ، وفيه حديث آخر في الصحيح ذكرته في جامع السنة تركته هنا لطوله . الرابع : عند قراءة القرآن ذكره البخاري الماوردي والروياني وصاحب البيان والرافعي وغيرهم . والخامس : عند تغير الفم ، وتغيره قد يكون بالنوم وقد يكون بأكل ما له رائحة كريهة ، وقد يكون بترك الأكل والشرب ، وبطول السكوت ، قال صاحب الحاوي : ويكون أيضا بكثرة الكلام والله أعلم . هذه الأحوال الخمسة التي ذكرها أصحابنا ، وفي صحيح عن مسلم { عائشة } " والله أعلم . أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك
( فرع ) إذا أراد أن يصلي صلاة ذات تسليمات كالتراويح والضحى ، وأربع ركعات سنة الظهر أو العصر ، والتهجد ونحو ذلك استحب أن يستاك [ ص: 329 ] لكل ركعتين لقوله صلى الله عليه وسلم : " { } " وهو حديث صحيح كما سبق . لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة أو مع كل صلاة
( فرع ) قال في المختصر : قال المزني - رحمه الله - : أحب السواك للصلوات عند كل حال تتغير فيها الفم . كذا وقع في المختصر " عند " بغير واو ، قال الشافعي أخل القاضي حسين بالواو ، وكذا قاله غير المزني ، وهو كما قالوه فقد قاله القاضي - رحمه الله - في الأم بالواو ، واتفق نص الشافعي - رحمه الله - والأصحاب على أن السواك سنة عند الصلاة ، وإن لم يتغير الفم . الشافعي
( فرع ) في أول كتاب النكاح من الترمذي عن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبي أيوب } " قال أربع من سنن المرسلين : الحياء والتعطر والسواك والنكاح الترمذي : حديث حسن ، هذا كلامه وفي إسناده الحجاج بن أرطاة وأبو الشمال ، ضعيف عند الجمهور ، والحجاج وأبو الشمال مجهول فلعله اعتضد بطريق آخر فصار حسنا ، وقوله : الحياء هو بالياء لا بالنون وإنما ضبطته لأني رأيت من صحفه في عصرنا وقد سبق بتصحيفه ، وقد ذكر الإمام الحافظ أبو موسى الأصبهاني هذا الحديث في كتابه الاستغناء في استعمال الحناء وأوضحه وقال : هو مختلف في إسناده ومتنه ، يروى عن عائشة وابن عباس وجد وأنس مليح كلهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : واتفقوا على لفظ الحياء قال : وكذا أورده الطبراني والدارقطني وأبو الشيخ وابن منده وأبو نعيم وغيرهم من الحفاظ والأئمة ، قال : وكذا هو في مسند الإمام وغيره من الكتب . ومرادي بذكر هذا الفرع بيان أن السواك كان في الشرائع السابقة والله أعلم . أحمد
وأما حديث : " { عائشة } " فضعيف رواه صلاة بسواك خير من سبعين بغير سواك من طرق وضعفها كلها وكذا ضعفه غيره ، وذكره البيهقي في المستدرك وقال : هو صحيح على شرط الحاكم ، وأنكروا ذلك على مسلم وهو معروف عندهم بالتساهل في التصحيح ، وسبب ضعفه أن مداره على الحاكم وهو مدلس ولم يذكر سماعه ، والمدلس إذا لم يذكر سماعه لا يحتج به بلا خلاف كما هو مقرر لأهل هذا الفن وقوله : أنه على شرط محمد بن إسحاق ليس كذلك فإن مسلم لم يرو له محمد بن إسحاق شيئا محتجا به ، وإنما روى له متابعة ، وقد علم من عادة مسلم وغيره من أهل الحديث أنهم يذكرون في المتابعات من لا يحتج به للتقوية لا للاحتجاج ، ويكون اعتمادهم على الإسناد الأول وذلك مشهور عندهم ، مسلم أتقن في هذا الفن من شيخه والبيهقي وقد ضعفه والله أعلم . ويغني عن هذا الحديث حديث الحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أبي هريرة } " رواه لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة البخاري ، وفي رواية ومسلم " مع كل صلاة " وقد غلط بعض الأئمة الكبار فزعم أن للبخاري لم يروه وجعله من أفراد البخاري ، وقد رواه مسلم في كتاب الجمعة . وأما حديث البخاري فهو ضعيف رواه العباس أبو بكر بن أبي خيثمة في تاريخه ثم عن البيهقي ، ورواه العباس أيضا عن البيهقي وإسنادهما ليس بقوي ، قال ابن عباس : هو حديث مختلف في إسناده وضعفه أيضا غيره ، ويغني عنه في الدلالة حديث : " { البيهقي } " والله أعلم . وأما حديث السواك مطهرة للفم : " إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك " فهو في الصحيحين بهذا اللفظ من رواية عائشة رضي الله عنهما ، لا من [ ص: 326 ] رواية حذيفة بن اليمان ، وقيل : إن ذكر عائشة وهم من عائشة المصنف وعدوه من غلطه والله أعلم .
المسألة الثانية في لغاته : قال أهل اللغة : السواك بكسر السين ويطلق السواك على الفعل وهو الاستياك وعلي الآلة التي يستاك بها ويقال في الآلة أيضا مسواك بكسر الميم ، يقال : ساك فاه يسوكه سوكا ، فإن قلت : استاك ، لم تذكر الفم . والسواك مذكر نقله الأزهري عن العرب ، قال : وغلط الليث بن المظفر في قوله : إنه مؤنث ، وذكر صاحب المحكم أنه يؤنث ويذكر لغتان ، قالوا : وجمعه سوك بضم السين والواو ككتاب وكتب ويخفف بإسكان الواو ، وقال صاحب المحكم : قال الإمام في اللغة : ربما همز فقيل سؤاك ، قال : والسواك مشتق من ساك الشيء إذا دلكه ، وأشار غيره إلى أنه مشتق من التساوك يعني التمايل ، يقال : جاءت الإبل تتساوك أي تتمايل في مشيتها ، والصحيح أنه من ساك إذا دلك ، هذا مختصر كلام أهل اللغة فيه . وهو في اصطلاح الفقهاء استعمال عود أو نحوه في الأسنان لإذهاب التغير ونحوه والله أعلم . وقوله : " مطهرة للفم مرضاة للرب سبق شرحهما ، وميم الفم مخففة على المشهور ، وفي لغية يجوز تشديدها ، وقد بسطت ذلك في تهذيب الأسماء واللغات ، وقوله : " يستحب في ثلاثة أحوال " كذا هو في المهذب ثلاثة وهو صحيح ، وفي الحال لغتان التذكير والتأنيث فيقال ثلاثة أحوال ، وثلاث أحوال ، وحال حسن ، وحالة حسنة . وقوله : " { أبو حنيفة : يعني الدينوري } " معناه ثوابها أكثر من ثواب سبعين ، وقوله : لا تدخلوا علي قلحا بضم القاف وإسكان اللام والحاء المهملة جمع أقلح وهو الذي على أسنانه قلح بفتح القاف واللام وهو صفرة ووسخ يركبان الأسنان . قال صاحب المحكم : ويقال فيه أيضا القلاح بضم القاف وتخفيف اللام ويقال قلح الرجل بفتح القاف وكسر اللام وأقلح . وقوله : وقد يكون بالأزم وهو ترك الأكل ، الأزم بفتح الهمزة وإسكان الزاي وأصله في اللغة الإمساك وذكره صلاة بسواك خير من سبعين صلاة بغير سواك وتأوله أصحابنا . تأويلين [ ص: 327 ] أحدهما : الجوع ، والثاني : السكوت وكلاهما صحيح ، وقول الشافعي المصنف : " ترك الأكل " كان ينبغي أن يقول : " ترك الأكل والشرب " . وقوله : " يشوص فاه " بضم الشين المعجمة وبالصاد المهملة ، والشوص دلك الأسنان عرضا بالسواك ، كذا قاله وغيره ، وقيل : الغسل وقيل : التنقية ، وقيل غير ذلك ، والصحيح الأول والله أعلم . الخطابي
المسألة الثالثة : هو العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتمام نسبه في رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين أو ثلاث ، توفي العباس بن عبد المطلب أبو الفضل بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين ، وقيل أربع وثلاثين ، وكان أشد الناس سمعا .
المسألة الرابعة في الأحكام : فالسواك سنة ليس بواجب ، هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلا ما حكى الشيخ أبو حامد وأكثر أصحابنا عن أنه أوجبه ، وحكى صاحب الحاوي أن داود أوجبه ولم يبطل الصلاة بتركه ، قال : وقال داود إسحاق بن راهويه . هو واجب فإن تركه عمدا بطلت صلاته . وهذا النقل عن إسحاق غير معروف ولا يصح عنه ، وقال القاضي أبو الطيب والعبدري : غلط الشيخ أبو حامد في حكايته وجوبه عن ، بل مذهب داود أنه سنة ; لأن أصحابنا نصوا أنه سنة ، وأنكروا وجوبه ولا يلزم من هذا الرد على داود أبي حامد . واحتج بظاهر الأمر ، واحتج أصحابنا بما احتج به لداود في الأم والمختصر بحديث الشافعي الذي ذكرناه : " { أبي هريرة } " قال لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة - رحمه الله - : لو كان واجبا لأمرهم به ، شق أو لم يشق . قال العلماء في هذا الحديث إن الأمر للوجوب واستدل أصحابنا بأحاديث أخر وأقيسة ، ولا حاجة إلى الإطالة في الاستدلال إذا لم نتيقن خلافا ، والأحاديث الواردة بالأمر محمولة على الندب جمعا بين الأحاديث والله أعلم . الشافعي
واعلم أن السواك سنة في جميع الأحوال إلا للصائم بعد الزوال ، ويتأكد استحبابه في أحوال ، هكذا قاله أصحابنا . وعبارة المصنف توهم اختصاص الاستحباب بالأحوال الثلاثة المذكورة وليس الحكم كذلك بل هو مستحب [ ص: 328 ] في كل الأحوال لغير الصائم لقوله صلى الله عليه وسلم : " { } " . وأما السواك مطهرة للفم مرضاة للرب فخمسة : أحدها : عند القيام إلى الصلاة ، سواء صلاة الفرض والنفل ، وسواء صلى بطهارة ماء أو تيمم أو بغير طهارة كمن لم يجد ماء ولا ترابا وصلى على حسب حاله ، صرح به الشيخ الأحوال التي يتأكد الاستحباب فيها أبو حامد والمتولي وغيرهما . الثاني : عند اصفرار الأسنان ودليله حديث : " { } " وأما احتجاج السواك مطهرة المصنف له بحديث فلا يصح لأنه ضعيف كما سبق . الثالث : عند الوضوء اتفق عليه أصحابنا ، ممن صرح به صاحبا الحاوي والشامل العباس وإمام الحرمين والغزالي والروياني وصاحب البيان وآخرون ، ولا يخالف هذا اختلاف الأصحاب في أن السواك هل هو من سنن الوضوء أم لا ؟ فإن ذلك الخلاف إنما هو في أنه يعد من سنن الوضوء أم سنة مستقلة عند الوضوء لا منه ، وكذا اختلفوا في التسمية وغسل الكفين ولا خلاف أنهما سنة ، وإنما الخلاف في كونها من سنن الوضوء ، ودليل استحبابه عند الوضوء حديث رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " { أبي هريرة } " وفي رواية : { لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء } وهو حديث صحيح رواه لفرضت عليهم السواك مع الوضوء ابن خزيمة في صحيحيهما وصححاه وأسانيده جيدة ، وذكره والحاكم في صحيحه في كتاب الصيام تعليقا بصيغة جزم ، وفيه حديث آخر في الصحيح ذكرته في جامع السنة تركته هنا لطوله . الرابع : عند قراءة القرآن ذكره البخاري الماوردي والروياني وصاحب البيان والرافعي وغيرهم . والخامس : عند تغير الفم ، وتغيره قد يكون بالنوم وقد يكون بأكل ما له رائحة كريهة ، وقد يكون بترك الأكل والشرب ، وبطول السكوت ، قال صاحب الحاوي : ويكون أيضا بكثرة الكلام والله أعلم . هذه الأحوال الخمسة التي ذكرها أصحابنا ، وفي صحيح عن مسلم { عائشة } " والله أعلم . أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك
( فرع ) إذا أراد أن يصلي صلاة ذات تسليمات كالتراويح والضحى ، وأربع ركعات سنة الظهر أو العصر ، والتهجد ونحو ذلك استحب أن يستاك [ ص: 329 ] لكل ركعتين لقوله صلى الله عليه وسلم : " { } " وهو حديث صحيح كما سبق . لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة أو مع كل صلاة
( فرع ) قال في المختصر : قال المزني - رحمه الله - : أحب السواك للصلوات عند كل حال تتغير فيها الفم . كذا وقع في المختصر " عند " بغير واو ، قال الشافعي أخل القاضي حسين بالواو ، وكذا قاله غير المزني ، وهو كما قالوه فقد قاله القاضي - رحمه الله - في الأم بالواو ، واتفق نص الشافعي - رحمه الله - والأصحاب على أن السواك سنة عند الصلاة ، وإن لم يتغير الفم . الشافعي
( فرع ) في أول كتاب النكاح من الترمذي عن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبي أيوب } " قال أربع من سنن المرسلين : الحياء والتعطر والسواك والنكاح الترمذي : حديث حسن ، هذا كلامه وفي إسناده الحجاج بن أرطاة وأبو الشمال ، ضعيف عند الجمهور ، والحجاج وأبو الشمال مجهول فلعله اعتضد بطريق آخر فصار حسنا ، وقوله : الحياء هو بالياء لا بالنون وإنما ضبطته لأني رأيت من صحفه في عصرنا وقد سبق بتصحيفه ، وقد ذكر الإمام الحافظ أبو موسى الأصبهاني هذا الحديث في كتابه الاستغناء في استعمال الحناء وأوضحه وقال : هو مختلف في إسناده ومتنه ، يروى عن عائشة وابن عباس وجد وأنس مليح كلهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : واتفقوا على لفظ الحياء قال : وكذا أورده الطبراني والدارقطني وأبو الشيخ وابن منده وأبو نعيم وغيرهم من الحفاظ والأئمة ، قال : وكذا هو في مسند الإمام وغيره من الكتب . ومرادي بذكر هذا الفرع بيان أن السواك كان في الشرائع السابقة والله أعلم . أحمد