( الشرح ) أما حديث مبيت النبي صلى الله عليه وسلم بمنى ليالي التشريق فصحيح مشهور . وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فصحيح رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر { nindex.php?page=hadith&LINKID=2651أن nindex.php?page=showalam&ids=18العباس بن عبد المطلب استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له } وفي رواية في الصحيحين { nindex.php?page=hadith&LINKID=5701أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص nindex.php?page=showalam&ids=18للعباس بن عبد المطلب أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته } . وأما حديث عاصم بن عدي فرواه أبو داود والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وغيرهم بأسانيد صحيحة قال الترمذي : هو حديث حسن صحيح . [ ص: 223 ] وأما ألفاظ الفصل ) فالسقاية - بكسر السين - وهي موضع في المسجد الحرام يستقى فيه الماء ويجعل في حياض ويسبل للشاربين ، وكانت السقاية في يد قصي بن كلاب ثم ورثها منه ابنه عبد مناف ، ثم منه ابنه هاشم ، ثم منه ابنه عبد المطلب ، ثم منه nindex.php?page=showalam&ids=18العباس رضي الله عنه ، ثم منه عبد الله ، ثم منه ابنه nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، ثم واحد بعد واحد ، وقد بسطت بيانها شافيا في تهذيب اللغات قوله ( رعاء الإبل ) هو بكسر الراء وبالمد ، جمع راع كصاحب وصحاب ، ويجوز رعاة - بضم الراء وهاء بعد الألف - بغير مد ، كقاض وقضاة . قوله " ومن أبق له عبد " يجوز فيه فتح الباء وكسرها ، لغتان كضرب وشرب ، والأول أفصح وبها جاء القرآن . قال الله تعالى { إذ أبق } ويجوز لعبد آبق بمد الألف وكسر الباء .
( أما الأحكام ) ففيها مسائل مختصرها أنه ينبغي أن يبيت بمنى ليالي أيام التشريق وهل المبيت بها واجب أم سنة ؟ فيه طريقان ( أصحهما وأشهرهما ) وبه قطع المصنف والجمهور فيه قولان ( أصحهما ) واجب ( والثاني ) سنة ، ودليلهما في الكتاب ( والطريق الثاني ) سنة قولا واحدا .
حكاه الرافعي ، فإن ترك المبيت جبره بدم بلا خلاف .
( فإن قلنا ) المبيت واجب كان الدم واجبا ، وإن قلنا سنة فسنة . ويؤمر بالمبيت في الليالي الثلاث ، إلا أنه إذا نفر النفر الأول سقط مبيت الليلة الثالثة . والأكمل أن يبيت بها كل الليل . وفي قدر الواجب قولان حكاهما صاحب التقريب والشيخ nindex.php?page=showalam&ids=14048أبو محمد الجويني وإمام الحرمين ومتابعوه ( أصحهما ) معظم الليل ( والثاني ) المعتبر أن يكون حاضرا بها عند طلوع الفجر الثاني . وأما قدر المبيت بالمزدلفة وحكمه فسبق بيانه ، فإن ترك مبيت ليلة [ ص: 224 ] المزدلفة وحدها جبرها بدم كامل ، وإن ترك ليالي التشريق الثلاث لزمه دم فقط ، هذا هو المذهب ، وبه قطع المصنف والجماهير . وحكى إمام الحرمين وغيره عن صاحب التقريب أنه حكى قولا غريبا أنه يجب في كل ليلة دم ، وليس بشيء ، وإن ترك إحدى الليالي الثلاث فثلاثة أقوال مشهورة ذكرها المصنف والأصحاب كالأقوال في ترك حصاة ، وفي حلق شعرة ( أصحهما ) في الليلة مد ( والثاني ) درهم ( والثالث ) ثلث دم . وإن ترك ليلتين فعلى الأصح يجب مدان وعلى الثاني درهمان وعلى الثالث ثلثا دم . ولو ترك ليلة المزدلفة وليالي التشريق كلها فقولان ( أصحهما ) يجب دمان دم لليلة المزدلفة ودم لليالي منى ( والثاني ) يجب دم واحد لليالي الأربع ، هذا من كان بمنى وقت غروب الشمس ، فإن لم يكن حينئذ ولم يبت وقلنا : تفرد ليلة المزدلفة بالدم فوجهان لأنه لم يترك إلا ليلتين ( أحدهما ) يلزمه مدان أو درهمان أو ثلثا دم على حسب الأقوال الثلاثة .
( والوجه الثاني ) يلزمه دم كامل لتركه جنس المبيت بمنى ، وهذا هو الأصح وبه قطع جماعات ، وهذان الوجهان جاريان فيما لو ترك ليلة المزدلفة وليلتين من الثلاث ، والله أعلم
هذا كله فيمن لا عذر له في ترك المبيت ، أما من ترك مبيت مزدلفة أو منى لعذر فلا دم ، وهم أصناف ( أحدها ) رعاء الإبل وأهل سقاية nindex.php?page=showalam&ids=18العباس فلهم إذا رموا جمرة العقبة يوم النحر أن ينفروا ويدعوا المبيت بمنى ليالي التشريق ، وللصنفين جميعا أن يدعوا رمي يوم القر وهو الأول من التشريق ، ويقضوه في اليوم الذي يليه قبل رمي ذلك اليوم ، وليس لهم ترك يومين متواليين ، فإن تركوا رمي اليوم الثاني من أيام التشريق بأن نفروا اليوم الأول بعد الرمي عادوا في اليوم الثالث ، وإن تركوا رمي الأول بأن نفروا يوم النحر بعد رمي جمرة العقبة عادوا في الثاني ، ثم لهم [ ص: 225 ] أن ينفروا مع الناس . هذا هو الصحيح المشهور ، وفيه وجه أنه ليس لهم ذلك ، حكاه الرافعي . وإذا غربت الشمس والرعاء بمنى لزمهم المبيت تلك الليلة ورمي الغد ، ويجوز لأهل السقاية أن ينفروا بعد الغروب على الصحيح ، لأن عملهم بالليل بخلاف الرعي ، وفيه وجه أنه لا يجوز لهم ذلك ، حكاه الرافعي ، وهذا الوجه غلط مخالف لنص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والجمهور ، بل للحديث الصحيح السابق . وقال أصحابنا . ورخصة السقاية لا تختص بالعباسية . هذا هو المذهب والمنصوص ، وبه قطع الجمهور ، وفيه وجه أنه يختص بهم ، حكاه البندنيجي وآخرون . وفي وجه ثالث يختص ببني هاشم ، حكاه nindex.php?page=showalam&ids=11976الشيخ أبو حامد والروياني قال أصحابنا : ولو أحدثت سقاية للحجاج جاز للمقيم بشأنها ترك المبيت ، ذكره البغوي ، قال ابن كج وغيره : ليس له . وذكر الدارمي والبندنيجي وجهين حكاهما الروياني ، ثم قال : والمنصوص في كتاب الأوسط أنه ليس له ، والصحيح ما ذكره البغوي ، والله أعلم .
ومن المعذورين من انتهى إلى عرفة ليلة النحر واشتغل بالوقوف عن مبيت المزدلفة فلا شيء عليه ، وإنما يؤمر بالمبيت المتفرغون ، ذكره إمام الحرمين وغيره ، ولو أفاض من عرفة إلى مكة فطاف للإفاضة بعد نصف الليل ففاته المبيت قال nindex.php?page=showalam&ids=15021القفال لا شيء عليه لاشتغاله بالطواف ، قال الإمام : وفيه احتمال . ومن المعذورين من له مال يخاف ضياعه لو اشتغل بالمبيت أو يخاف على نفسه ، أو كان به مرض يشق معه المبيت ، أو له مريض يحتاج إلى تعهده ، أو يطلب آبقا أو يشتغل بأمر آخر يخاف فوته ، ففي هؤلاء وجهان ( الصحيح ) المنصوص يجوز لهم ترك المبيت ولا شيء عليهم بسببه ، ولهم النفر بعد الغروب ، والله أعلم .
( فرع ) لو ترك المبيت ناسيا كان كتركه عامدا ، صرح به الدارمي وغيره .