صفحة جزء
( 1885 ) مسألة : قال : ( وليس في حلي المرأة زكاة إذا كان مما تلبسه أو تعيره ) هذا ظاهر المذهب . وروي ذلك عن ابن عمر ، وجابر ، وأنس ، وعائشة ، وأسماء رضي الله عنهم وبه قال القاسم ، والشعبي ، وقتادة ، ومحمد بن علي ، وعمرة ، ومالك ، والشافعي ، وأبو عبيد ، وإسحاق ، وأبو ثور . وذكر ابن أبي موسى عن أحمد رواية أخرى ، أنه فيه الزكاة . وروي ذلك عن عمر ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وسعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير ، وعطاء ، ومجاهد ، وعبد الله بن شداد ، وجابر بن زيد ، وابن سيرين ، وميمون بن مهران ، والزهري ، والثوري ، وأصحاب الرأي ; لعموم قوله عليه السلام { في الرقة ربع العشر ، وليس فيما دون خمس أواق صدقة . } مفهومه أن فيها صدقة إذا بلغت خمس أواق . وعن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : { أتت امرأة من أهل اليمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها في يديها مسكتان من ذهب ، فقال : هل تعطين زكاة هذا ؟ قالت : لا . قال : أيسرك أن يسورك الله بسوارين من نار ؟ } . رواه أبو داود . ولأنه من جنس الأثمان ، أشبه التبر . وقال مالك : يزكى عاما واحدا . وقال الحسن ، وعبد الله بن عتبة ، وقتادة : زكاته عاريته . قال أحمد : خمسة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : ليس في الحلي زكاة . ويقولون : زكاته عاريته . ووجه الأول ، ما روى عافية بن أيوب ، عن الليث بن سعد ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { ليس في الحلي زكاة } . ولأنه مرصد لاستعمال مباح ، فلم تجب فيه الزكاة ، كالعوامل ، وثياب القنية . وأما الأحاديث الصحيحة التي احتجوا بها ، فلا تتناول محل النزاع ; لأن الرقة هي الدراهم المضروبة . قال أبو عبيد : لا نعلم هذا الاسم في الكلام المعقول عند العرب إلا على الدراهم المنقوشة ، ذات السكة السائرة في الناس . وكذلك الأواقي ليس معناها إلا الدراهم كل أوقية أربعون درهما . وأما حديث المسكتين ، فقال أبو عبيد : لا نعلمه إلا من وجه قد تكلم الناس فيه قديما وحديثا . وقال الترمذي : ليس يصح في هذا الباب [ ص: 323 ] شيء . ويحتمل أنه أراد بالزكاة إعارته ، كما فسره به بعض العلماء ، وذهب إليه جماعة من الصحابة وغيرهم والتبر غير معد للاستعمال ، بخلاف الحلي . وقول الخرقي " إذا كان مما تلبسه أو تعيره " . يعني أنه إنما تسقط عنه الزكاة إذا كان كذلك أو معدا له فأما المعد للكرى أو النفقة إذا احتيج إليه ، ففيه الزكاة ; لأنها إنما تسقط عما أعد للاستعمال ، لصرفه عن جهة النماء ، ففيما عداه يبقى على الأصل ، وكذلك ما اتخذ حلية فرارا من الزكاة لا يسقط عنه . ولا فرق بين كون الحلي المباح مملوكا لامرأة تلبسه أو تعيره ، أو لرجل يحلي به أهله ، أو يعيره أو يعده لذلك ; لأنه مصروف عن جهة النماء إلى استعمال مباح ، أشبه حلي المرأة .

التالي السابق


الخدمات العلمية