صفحة جزء
( 2858 ) مسألة ; قال : ( ومتى انصرف المتصارفان قبل التقابض ، فلا بيع بينهما ) الصرف : بيع الأثمان بعضها ببعض . والقبض في المجلس شرط لصحته بغير خلاف . قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن المتصارفين إذا افترقا قبل أن يتقابضا ، أن الصرف فاسد . والأصل فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم { : الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء . } وقوله عليه السلام { بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يدا بيد } . { ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالورق دينا ، ونهى أن يباع غائب منها بناجز ، } كلها أحاديث صحاح .

ويجزئ القبض في المجلس ، وإن طال ، ولو تماشيا مصطحبين إلى منزل أحدهما ، أو إلى الصراف ، فتقابضا عنده ، جاز . وبهذا قال الشافعي . وقال مالك : لا خير في ذلك ; لأنهما فارقا مجلسهما .

ولنا أنهما لم يفترقا قبل التقابض ، فأشبه ما لو كانا في سفينة تسير بهما ، أو راكبين على دابة واحدة تمشي بهما . وقد دل على ذلك حديث أبي برزة الأسلمي في قوله للذين مشيا إليه من جانب العسكر : وما أراكما افترقتما . وإن تفرقا قبل التقابض بطل الصرف ; لفوات شرطه .

وإن قبض البعض ، ثم افترقا ، بطل فيما لم يقبض ، وفيما يقابله من العوض . وهل يصح في المقبوض ؟ على وجهين ، بناء على تفريق الصفقة . ولو وكل أحدهما وكيلا في القبض ، فقبض الوكيل قبل تفرقهما ، جاز ، وقام قبض وكيله مقام قبضه ، سواء فارق الوكيل المجلس قبل القبض ، أو لم يفارقه . وإن افترقا قبل قبض الوكيل ، بطل لأن القبض في المجلس شرط ، وقد فات . وإن تخايرا قبل القبض في المجلس ، لم يبطل العقد بذلك ; لأنهما لم يفترقا قبل القبض .

ويحتمل أن يبطل إذا قلنا بلزوم العقد ، وهو مذهب الشافعي ; لأن العقد لم يبق فيه خيار قبل القبض ، أشبه ما لو افترقا . والصحيح الأول ، فإن الشرط التقابض في المجلس ، وقد وجد ، واشتراط التقابض قبل اللزوم تحكم بغير دليل . ثم يبطل بما إذا تخايرا قبل الصرف ، ثم اصطرفا ، فإن الصرف يقع لازما صحيحا قبل القبض ، ثم يشترط القبض في المجلس .

التالي السابق


الخدمات العلمية