صفحة جزء
[ ص: 285 ] مسألة : قال : ( ولا يجهر بها ) يعني ( بسم الله الرحمن الرحيم ) . ولا تختلف الرواية عن أحمد أن الجهر بها غير مسنون . قال الترمذي : وعليه العمل عند أكثر أهل العلم ، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم من التابعين ، منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي . وذكره ابن المنذر ، عن ابن مسعود ، وابن الزبير ، وعمار . وبه يقول الحكم وحماد ، والأوزاعي ، والثوري ، وابن المبارك ، وأصحاب الرأي .

ويروى عن عطاء ، وطاوس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، الجهر بها وهو مذهب الشافعي ; لحديث أبي هريرة ، أنه قرأها في الصلاة وقد صح أنه قال : ما أسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم ، وما أخفى علينا أخفيناه عليكم . متفق عليه . وعن أنس ، { أنه صلى وجهر ببسم الله الرحمن الرحيم . وقال : أقتدي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم } . ولما تقدم من حديث أم سلمة وغيره ، ولأنها آية من الفاتحة ، فيجهر بها الإمام في صلاة الجهر ، كسائر آياتها .

ولنا ، حديث أنس ، وعبد الله بن المغفل . وعن عائشة ، رضي الله عنها { ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين } . متفق عليه . وروى أبو هريرة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { قال الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، ولعبدي ما سأل ، فإذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين . قال الله : حمدني عبدي . وذكر الخبر . } أخرجه مسلم .

وهذا يدل على أنه لم يذكر " بسم الله الرحمن الرحيم " ، ولم يجهر بها . وحديث أبي هريرة الذي احتجوا به ليس فيه أنه جهر بها ، ولا يمتنع أن يسمع منه حال الإسرار ، كما سمع الاستفتاح والاستعاذة من النبي صلى الله عليه وسلم مع إسراره بهما ، وقد روى أبو قتادة ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسمعهم الآية أحيانا في صلاة الظهر } . متفق عليه . وحديث أم سلمة ليس فيه أنه جهر بها ، وسائر أخبار الجهر ضعيفة ; فإن رواتها هم رواة الإخفاء ، وإسناد الإخفاء صحيح ثابت بغير خلاف فيه ، فدل على ضعف رواية الجهر ، وقد بلغنا أن الدارقطني قال : لم يصح في الجهر حديث .

التالي السابق


الخدمات العلمية