( 6714 ) مسألة قال : ( وإن كسر بعضها ، برد من سن الجاني مثله ) وجملته أن
القصاص جار في بعض السن لأن
الربيع كسرت سن جارية ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقصاص ; ولأن ما جرى القصاص في جملته ، جرى في بعضه إذا أمكن كالأذن ، فيقدر ذلك بالأجزاء ، فيؤخذ النصف بالنصف والثلث بالثلث ، وكل جزء بمثله ، ولا يؤخذ ذلك بالمساحة ، كي لا يفضي إلى أخذ جميع سن الجاني ببعض سن المجني عليه ، ويكون القصاص بالمبرد ، ليؤمن أخذ الزيادة ، فإنا لو أخذناها بالكسر ، لم نأمن أن تنصدع ، أو تنقلع ، أو تنكسر من غير موضع القصاص ، ولا يقتص حتى يقول أهل الخبرة : إنه يؤمن انقلاعها ، أو السواد فيها لأن توهم الزيادة يمنع القصاص في الأعضاء ، كما لو قطعت يده من غير مفصل .
فإن قيل : فقد أجزتم القصاص في الأطراف مع توهم سرايتها إلى النفس ، فلم منعتم منه لتوهم السراية إلى بعض العضو ؟ قلنا : وهم السراية إلى النفس لا سبيل إلى التحرز منه ، فلو اعتبرناه في المنع ، لسقط القصاص في الأطراف بالكلية ، فسقط اعتباره ، وأما السراية إلى بعض العضو ، فتارة نقول إنما منع القصاص فيها احتمال الزيادة في الفعل ، لا في السراية ، مثل من يستوفي بعض الذراع ،
[ ص: 265 ] فإنه يحتمل أن يفعل أكثر مما فعل به ، وكذلك من كسر سنا ولم يصدعها ، فكسر المستوفي سنه وصدعها ، أو قلعها ، أو كسر أكثر مما كسر ، فقد زاد على المثل ، والقصاص يعتمد المماثلة ، وتارة نقول : إن السراية في بعض العضو إنما تمنع إذا كانت ظاهرة ، ومثل هذا يمنع في النفس ، ولهذا منعناه من الاستيفاء بآلة كالة ، أو مسمومة ، وفي وقت إفراط الحرارة أو البرودة ، تحرزا من السراية .