المطلب الثاني: التعريف التركيبي:
قبل الولوج إلى التعريف التركيبي لفقه التنـزيل، تجدر الإشارة إلى أن مصطلح الفقه أصبح يستعمل بشكل كبير مركبا إضافيا فيقال: "فقه السيرة" و"فقه الدليل" و"فقه الموازنات" وغير ذلك من الإطلاقات، فهذا الإطلاق وسع من مفهوم الفقه واعتمد على التعريف المعجمي أكثر من الاصطلاحي، وهذا الإطلاق هو المعتمد في البحث كما سبق بيان ذلك.
وقد اختلف الباحثون في تعريف فقه التنـزيل، نظرا لجدته وعدم نضجه الاصطلاحي.
ويعرف الأستاذ فريد شكري فقه التنـزيل بأنه العلم بإيقاع الحكم الشرعي في موضعه اللائق به بما يقتضيه في ترتيب وتدرج
>[1] .
ويلاحظ أن الأستاذ عرف المصطلح بأحد ضمائمه وهو مصطلح "إيقاع"، كما يلاحظ مناسبة تعريفه للتعريف اللغوي، فقد سبق أن من معاني التنـزيل: الترتيب والتدرج.
ويعرف الأستاذ رشيد بنكيران فقه التنـزيل بقوله: "ضرب من الاجتهاد، في تحقيق مقاصد الشريعة باعتبار مآل الأحكام، وفق ما يقتضيه فقه الواقع".
>[2] [ ص: 45 ]
يلاحظ على التعريف تغييبه أهم عناصر التنـزيل وهو تحقيق المناط، وقوله "ضرب من الاجتهاد" إطالة في التعريف دون مسوغ يتطلب ذلك، وإن كان الأستاذ اعتبر "الغرض من ذكرهما في التعريف هو التنبيه على أن "فقه التنـزيل" كان اللائق به أن يكون داخلا تحت مسمى الاجتهاد اصطلاحا، لأن حقيقته أنه اجتهاد"
>[3] .
فهذا التسويغ من الأستاذ يثير إشكالا وهو اعتباره فقه التنـزيل يدخل ضمن الاجتهاد التنـزيلي، في حين أن "الاجتهاد التنـزيلي يمثل الجانب الإجرائي لفقه التنـزيل، بينما فقه التنـزيل هو الذي يمثل الخلفية المعرفية والمنهجية"
>[4] .