. 178 - مسألة :
وغسل يوم الجمعة فرض لازم لكل بالغ من الرجال والنساء وكذلك الطيب والسواك .
برهان ذلك ما حدثناه
عبد الرحمن بن عبد الله الهمداني ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11817أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد ثنا
الفربري ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16604علي هو ابن المديني - ثنا
حرمي بن عمارة ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
أبي بكر بن المنكدر حدثني
عمرو بن سليم الأنصاري قال : أشهد على
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري قال : أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47625الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم وأن يستن وأن يمس طيبا } قال
عمرو بن سليم : أما الغسل فأشهد أنه
[ ص: 256 ] واجب ، وأما الاستنان والطيب فالله أعلم أواجب هو أم لا ، ولكن هكذا في الحديث . وروينا إيجاب الغسل أيضا مسندا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب وابنه
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة كلها في غاية الصحة ، فصار خبرا متواترا يوجب العلم ، وممن قال بوجوب فرض الغسل يوم الجمعة
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب بحضرة الصحابة رضي الله عنهم لم يخالفه فيه أحد منهم ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=44وأبو سعيد الخدري nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد بن أبي وقاص nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود وعمرو بن سليم nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=16850وكعب nindex.php?page=showalam&ids=15243والمسيب بن رافع .
أما
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فإنه قال على المنبر
nindex.php?page=showalam&ids=7لعثمان يوم الجمعة - وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان : ما هو إلا أن سمعت الأذان الأول فتوضأت وخرجت فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : والله لقد علمت ما هو بالوضوء ، والوضوء أيضا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47626وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل } . وروينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنه قال : لله على كل مسلم أن يغتسل من كل سبعة أيام يوما فيغسل كل شيء منه ويمس طيبا إن كان لأهله ، والغسل يوم الجمعة واجب كغسل الجنابة .
فأما اللفظ الأول فمن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
عمرو بن دينار عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة واللفظ الثاني عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس عن
سعيد المقبري عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص : ما كنت أرى مسلما يدع الغسل يوم الجمعة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود في شيء ظن به : لأنا أحمق من الذي لا يغتسل يوم الجمعة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : لا يحمق من ترك ما ليس فرضا لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيه : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1406أفلح إن صدق ، دخل الجنة إن صدق } والمفلح المضمون له الجنة ليس أحمق .
[ ص: 257 ] وعن
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر في شيء ظن به : أنا إذن كمن لا يغتسل يوم الجمعة . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47627أوجب رسول الله صلى الله عليه وسلم الغسل يوم الجمعة على كل محتلم } . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - وسئل عن الغسل يوم الجمعة فقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47628أمرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم } . وعن
كعب أنه قال : لله على كل حالم أن يغتسل في كل سبعة أيام مرة فيغسل رأسه وجسده ، وهو يوم الجمعة فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : وأنا أرى أن يتطيب من طيب أهله إن كان لهم . وسئل
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن غسل يوم الجمعة فقال : اغتسل . وروينا أمره بالطيب من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
جعفر بن أبي وحشية عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وأمره بالغسل عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء عنه . وروينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري أن غسل يوم الجمعة واجب . وروينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12397إبراهيم بن ميسرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يوجب الطيب يوم الجمعة . وروينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير عن
nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=44أبا سعيد الخدري يقول : ثلاث هن على كل مسلم يوم الجمعة : الغسل والسواك ويمس من طيب إن وجده .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ما نعلم أنه يصح عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم إسقاط فرض الغسل يوم الجمعة . وذهب جماعة من المتأخرين إلى أنه ليس بواجب ، واحتجوا بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وعثمان الذي ذكرناه وبحديث رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47629كان الناس يأتون الجمعة من منازلهم ومن العوالي فيأتون في العباء ويصيبهم الغبار فيخرج منهم الريح فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنسان منهم وهو عندي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا }
[ ص: 258 ] وعنها أيضا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47630كان الناس أهل عمل ولم يكن لهم كفاة ، فكان يكون لهم تفل فقيل لهم لو اغتسلتم يوم الجمعة } ، وبحديث عن
الحسن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47631أنبأنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يغتسل يوم الجمعة ، ولكن كان أصحابه يغتسلون } . وبحديث من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47632كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربما اغتسل وربما لم يغتسل يوم الجمعة } . وبحديث آخر من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في الغسل يوم الجمعة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47633أنه خير لمن اغتسل ، ومن لم يغتسل فليس بواجب ، وسأخبركم كيف بدأ الغسل ، كان الناس مجهودين يلبسون الصوف ويعملون على ظهورهم ، وكان مسجدهم ضيقا مقارب السقف ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم حار وعرق الناس في الصوف حتى ثارت منهم رياح آذى بذلك بعضهم بعضا ، فلما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الريح قال : أيها الناس إذا كان هذا اليوم فاغتسلوا وليمس أحدكم طيبا ، أفضل ما يجد من دهنه وطيبه } . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ثم جاء الله بالخير ، ولبسوا غير الصوف ، وكفوا العمل ، ووسعوا مسجدهم ، وذهب بعض الذي كان يؤذي بعضهم بعضا من العرق " . وبحديث عن
سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47634من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل } .
[ ص: 259 ] ومثله من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس عنه عليه السلام نصا . وكذلك من طريق
الحسن ، ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر عنه عليه السلام ، ومثله نصا عن
nindex.php?page=showalam&ids=77عبد الرحمن بن سمرة nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ، ومثله عن
يزيد بن عبد الله أبي العلاء .
[ ص: 260 ] وهذا كل ما شغبوا به ، وكله لا حجة لهم فيه لأن كل هذه الآثار لا خير فيها ، حاشا حديث
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر فهما صحيحان ، ولا حجة لهم فيهما على ما سنبين إن شاء الله تعالى . أما حديث
الحسن ويزيد بن عبد الله فمرسلان ، وكم من مرسل
للحسن لا يأخذون به ، كمرسله في
الوضوء من الضحك في الصلاة ، لا يأخذ به المالكيون والشافعيون ، وكمرسله {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47635إن الأرض لا تنجس } لا يأخذ به الحنفيون ، وكذلك
ليزيد بن عبد الله ، ومما يوجب المقت من الله تعالى أن يجعلوا المرسل حجة ، ثم لا يأخذون به ، أو أن لا يروه حجة ثم يحتجون به ، فيقولون ما لا يفعلون {
كبر مقتا عند الله } . وأما حديثا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فأحدهما من طريق
محمد بن معاوية النيسابوري ، وهو معروف بوضع الأحاديث والكذب والثاني من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16698عمرو بن أبي عمرو عن
عكرمة وقد روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16698عمرو بن أبي عمرو - هذه نفسها - عن
عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35291من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه } فإن كان خبر
عمرو حجة فليأخذوا بهذا ، وإن كان ليس بحجة فلا يحل لهم الاحتجاج به في رد السنن الثابتة ، وأما
عمرو فضعيف لا نحتج به لنا ، ولا نقبله حجة علينا ، وهذا هو الحق الذي لا يحل خلافه ، ولو احتججنا به في موضع واحد لأخذنا بخبره في كل موضع . فإن قالوا : قد صح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس خلاف ما روى عنه
عمرو في قتل البهيمة
[ ص: 261 ] ومن أتاها ، قلنا لهم : وقد صح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس خلاف ما روى عنه
عمرو في إسقاط غسل الجمعة ولا فرق ، ثم لو صح حديث
عمرو هذا لما كان لهم فيه حجة ، بل لكان لنا حجة عليهم ; لأنه ليس فيه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم إلا الأمر بالغسل وإيجابه ، وأما كل ما تعلقوا به من إسقاط وجوب الغسل فليس من كلامه عليه السلام ، وإنما هو من كلام
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وظنه ، ولا حجة في أحد دونه عليه السلام .
وأما حديث
سمرة فإنما هو من طريق
الحسن عن
سمرة ، ولا يصح
للحسن سماع من
سمرة إلا حديث العقيقة وحده ، فإن أبوا إلا الاحتجاج به ، قلنا لهم : قد روينا من طريق
الحسن عن
سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47636من قتل عبده قتلناه ومن جدعه جدعناه } والحنفيون والمالكيون والشافعيون لا يأخذون بهذا ، وروينا أيضا عنه عن
سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47637عهدة الرقيق أربع } وهم لا يأخذون بهذا . ومن الباطل والعار احتجاجهم في الدين برواية ما إذا وافقت تقليدهم ، ومخالفتهم لها بعينها إذا خالفت تقليدهم ، ما نرى دينا يبقى مع هذا لأنه اتباع الهوى في الدين .
وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس فهو من رواية
يزيد الرقاشي وهو ضعيف ، صح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة أنه قال : لأن أقطع الطريق وأزني أحب إلي من أن أروي عن
يزيد الرقاشي ، ورب حديث
ليزيد الرقاشي تركوه لم يحتجوا فيه إلا بضعفه فقط ، ومن رواية
الضحاك بن حمزة ، وهو هالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15689الحجاج بن أرطاة ، وهو ساقط ، عن
إبراهيم بن مهاجر وهو ضعيف . ثم نظرنا في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر فوجدناه ساقطا لأنه لم يرو إلا من طرق في أحدها رجل مسكوت عن اسمه لا يعرف من هو ، وفي ثانيهما
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبو سفيان عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر وهو ضعيف ،
ومحمد بن الصلت وهو مجهول ، وفي الثالث منها
الحسن عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ولا يصح سماع
الحسن من
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر .
وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=77عبد الرحمن بن سمرة فهو من طريق
سلم بن سليمان أبي هشام البصري وليس بالقوي . وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فهو من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=11939أبي بكر الهذلي ، وهو ضعيف جدا
[ ص: 262 ] فسقطت هذه الآثار كلها ، ثم لو صحت لم يكن فيها نص ولا دليل على أن غسل الجمعة ليس بواجب ، وإنما فيها أن الوضوء نعم العمل ، وأن الغسل أفضل وهذا لا شك فيه ، وقد قال الله تعالى : {
ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم } فهل دل هذا اللفظ على أن الإيمان والتقوى ليس فرضا ؟ حاشا لله من هذا ، ثم لو كان في جميع هذه الأحاديث نص على أن غسل الجمعة ليس فرضا لما كان في ذلك حجة ، لأن ذلك كان يكون موافقا لما كان الأمر عليه قبل قوله عليه السلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47638غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم وعلى كل مسلم } وهذا القول منه عليه السلام شرع وارد وحكم زائد ناسخ للحالة الأولى بيقين لا شك فيه ، ولا يحل ترك الناسخ بيقين ، والأخذ بالمنسوخ .
وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47639كانوا عمال أنفسهم ويأتون في العباء والغبار من العوالي فتثور لهم روائح ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو تطهرتم ليومكم هذا } أو {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47640أولا تغتسلون } . فهو خبر صحيح ، إلا أنه لا حجة لهم فيه أصلا ، لأنه لا يخلو هذا من أن يكون قبل أن يخطب عليه السلام على المنبر فأمر الناس بالغسل يوم الجمعة ، وقبل أن يخبر عليه السلام بأن غسل يوم الجمعة واجب على كل مسلم وكل محتلم ، والطيب والسواك ، وقبل أن يخبر عليه السلام أنه حق لله تعالى على كل مسلم ، أو يكون بعد كل ما ذكرنا ، ولا سبيل إلى قسم ثالث ، فإن كان خبر
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قبل ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب وابنه
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=44وأبو سعيد الخدري وجابر ، فلا يشك ذو حس سليم في أن الحكم للمتأخر ، وإن كان خبر
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بعد كل ما ذكرنا من إيجاب الغسل يوم الجمعة والسواك والطيب وأنه حق الله تعالى على كل مسلم ، فليس فيه نص ولا دليل على نسخ الإيجاب المتقدم ، ولا على إسقاط حق الله تعالى المنصوص على إثباته ، وإنما هو تبكيت لمن ترك الغسل المأمور به الموجب فقط ، وهذا تأكيد للأمر المتيقن لا إسقاط له ، فقد {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47641نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال فلم ينتهوا فواصل بهم } تنكيلا لهم ، أفيسوغ في عقل أحد أن ذلك نسخ للنهي عن الوصال ؟ وكل ما أخبر عليه السلام أنه واجب على كل مسلم ، وحق الله تعالى على كل محتلم ، فلا يحل تركه ولا القول بأنه منسوخ أو أنه ندب ، إلا بنص جلي بذلك ، مقطوع على أنه وارد بعده ، مبين أنه - ندب أو أنه قد نسخ ، لا بالظنون الكاذبة المتروك لها اليقين .
[ ص: 263 ] هذا لو صح أن خبر
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة كان بعد الإيجاب للغسل . وهذا لا يصح أبدا ، بل في خبر
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة دليل بين على أنه كان قبل الإيجاب لأنها ذكرت أن ذلك كان والناس عمال أنفسهم ، وفي ضيق من الحال وقلة من المال ، وهذه صفة أول الهجرة بلا شك ، والراوي لإيجاب الغسل
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، وكلاهما متأخر الإسلام والصحبة .
أما
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة فإسلامه إثر فتح
خيبر ، حيث اتسعت أحوال المسلمين ، وارتفع الجهد والضيق عنهم . وأما
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فبعد فتح
مكة قبل موت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعامين ونصف فقط ، فارتفع الإشكال جملة والحمد لله رب العالمين .
وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فإنهم قالوا : لو كان غسل الجمعة واجبا عند
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وعثمان ومن حضر من الصحابة رضي الله عنهم لما تركه
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ولا أقر
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وسائر الصحابة
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان على تركه وقالوا : فدل هذا على أنه عندهم غير فرض .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : هذا قول لا ندري كيف استطلقت به ألسنتهم لأنه كله قول بما ليس في الخبر منه شيء لا نص ولا دليل ، بل نصه ودليله بخلاف ما قالوه . أول ذلك أن يقال لهم : من لكم بأن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان لم يكن اغتسل في صدر يومه ذلك ؟ ومن لكم بأن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر لم يأمره بالرجوع للغسل ؟ فإن قالوا : ومن لكم بأن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان كان اغتسل في صدر يومه ؟ ومن لكم بأن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أمره بالرجوع إلى الغسل قلنا : هبكم أنه لا دليل عندنا بهذا ، ولا دليل عندكم بخلافه . فمن جعل دعواكم في الخبر ، وتكهنكم ما ليس فيه ، وقفوكم ما لا علم لكم به ، أولى من مثل ذلك من غيركم ؟ وإنما الحق في هذا - إذ دعواكم ودعوانا ممكنة - أن يبقى الخبر لا حجة فيه لكم ولا عليكم ، ولا لنا ولا علينا ، هذا ما لا مخلص منه ، فكيف ومعنا الدليل على ما قلناه ؟ .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان رضي الله عنه فإن
عبد الله بن يوسف حدثنا قال : ثنا
أحمد بن فتح حدثنا
عبد الوهاب بن عيسى ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12282أحمد بن محمد ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12277أحمد بن علي ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج ثنا
أبو كريب محمد بن العلاء nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه - كلاهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن
nindex.php?page=showalam&ids=17074مسعر بن كدام عن
nindex.php?page=showalam&ids=15617جامع بن شداد قال : سمعت
حمران بن أبان قال :
[ ص: 264 ] كنت أضع
nindex.php?page=showalam&ids=7لعثمان طهوره فما أتى عليه يوم إلا وهو يفيض عليه نطفة . فقد ثبت بأصح إسناد أن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان كان يغتسل كل يوم ، فيوم الجمعة يوم من الأيام بلا شك ، ولو لم يكن هذا الخبر عندنا ، لوجب أن لا يظن بمثله رضي الله عنه خلاف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بل لا يقطع عليه إلا بطاعته ، وإن لم يعين ذلك في خبر ، كما يقطع بأنه صلى الصبح في ذلك اليوم وسائر اللوازم له بلا شك وإن لم يرو لنا ذلك . وأما
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه ومن معه من الصحابة رضي الله عنهم ، فهذا الخبر عنهم حجة لنا ظاهرة بلا شك لأن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قطع الخطبة منكرا على
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان أن لم يصل الغسل بالرواح ، فلو لم يكن ذلك فرضا عنده وعندهم لما قطع له الخطبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر قد حلف " والله ما هو بالوضوء " فلو لم يكن الغسل عنده فرضا لما كانت - يمينه صادقة والذي حصل من
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ومن الصحابة بلا شك فهو إنكار ترك الغسل ، والإعلان بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل يوم الجمعة ، ولا يجوز أن نظن بأحد من الصحابة رضي الله عنهم أن يستجيز خلاف أمره عليه السلام ، مع قول الله تعالى : {
فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم } فصح ذلك الخبر حجة لنا وإجماعا من الصحابة رضي الله عنهم إذ لم يكن فيهم آخر يقول
nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر : ليس ذلك عليه واجبا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وبيقين ندري أن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان قد أجاب
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في إنكاره عليه وتعظيمه أمر الغسل بأحد أجوبة لا بد من أحدها : إما أن يقول له قد كنت اغتسلت قبل خروجي إلى السوق ، وإما أن يقول له : بي عذر مانع من الغسل ، أو يقول له : أنسيت وها أنا ذا راجع فأغتسل ، فداره كانت على باب المسجد مشهورة إلى الآن أو يقول له : سأغتسل ، فإن الغسل لليوم لا للصلاة . فهذه أربعة أجوبة كلها موافقة لقولنا . أو يقول له : هذا أمر ندب وليس فرضا ، وهذا الجواب موافق لقول خصومنا . فليت شعري من الذي جعل لهم التعلق بجواب واحد من جملة خمسة أجوبة كلها ممكن ، وكلها ليس في الخبر شيء منها أصلا ؟ دون أن يحاسبوا أنفسهم بالأجوبة الأخر التي هي أدخل في الإمكان من الذي تعلقوا به ، لأنها كلها موافقة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما خاطبه به
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه بحضرة الصحابة رضي الله عنهم . والذي تعلقوا هم به تكهن مخالف لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما أجمع عليه الصحابة . ثم لو صح لهم ما يدعونه من الباطل من أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ومن بحضرته رأوا الأمر بالغسل
[ ص: 265 ] ندبا ، وهذا لا يصح ، بل الصحيح خلافه بنص الخبر ، فقد أوردنا عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس القطع بإيجاب الغسل يوم الجمعة بعد موت
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بدهر فصح وجود خلاف ما يدعونه بالدعوى الكاذبة إجماعا ، وإذا وجد التنازع فليس قول بعضهم أولى من قول بعض بل الواجب حينئذ الرد إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته عليه السلام قد جاءت بإيجاب الغسل والسواك والطيب ، إلا أن يدعوا أن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة nindex.php?page=showalam&ids=37وسعدا nindex.php?page=showalam&ids=44وأبا سعيد nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس خالفوا الإجماع ، فحسبهم بهذا ضلالا . ثم لو صح لهم أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان قالا بأن الغسل يوم الجمعة ندب - ومعاذ الله من أن يصح هذا عنهما - فمن أين لهم تعظيم خلاف
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان في هذا الباطل المتكهن ؟ ولم يعظموا على أنفسهم خلاف
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان بحضرة الصحابة رضي الله عنهم في هذا الخبر نفسه ، في ترك
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر الخطبة ، وأخذه في الكلام مع
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ، ومجاوبة
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان له بعد شروع
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في الخطبة ، وهم لا يجيزون هذا .
وكذلك الخبر الثابت من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه : أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر قرأ السجدة على المنبر يوم الجمعة فنزل وسجد وسجدوا معه ، ثم قرأها في الجمعة الأخرى فتهيئوا للسجود ، فقال لهم
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : على رسلكم ، إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء . فقال المالكيون : ليس العمل على هذا ، وقال الحنفيون : السجود واجب .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : أفيكون أعجب من هذا أو أدخل في الباطل منه أن يكون كلام
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر مع
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان في الخطبة بما لا يجدونه فيه من إسقاط فرض غسل الجمعة حجة عندهم ، ثم لا يبالون مخالفة
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في عمله وقوله بحضرة الصحابة رضي الله عنهم أن
السجود ليس مكتوبا علينا عند قراءة السجدة ، وفي نزوله عن المنبر للسجود إذا قرأ السجدة ؟ أفيكون في العجب أكثر من هذا ؟ وإن هذا إلا تلاعب أقرب إلى الجد . وكم قصة خالفوا فيها
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان تقليدا لآراء من لا يضمن له الصواب في كل أقواله ، كقول
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي nindex.php?page=showalam&ids=55وطلحة nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير وغيرهم : أن لا غسل من
الإيلاج إذا لم يكن هنالك إمناء ، وكقول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود :
من أجنب ولم يجد الماء فلا يجوز له التيمم ولا الصلاة ، ولو بقي كذلك شهرا ، وكما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان بالقضاء بأولاد الغارة رقيقا لسيدها ، ومثل هذا كثير جدا .
[ ص: 266 ] وقال بعضهم : هذا مما تعظم به البلوى ، فلو كان فرضا لما خفي على العلماء . قلنا نعم ما خفي ، قد عرفه جميع الصحابة رضي الله عنهم وقالوا به . وهؤلاء الحنفيون قد أوجبوا
الوضوء من كل دم خارج من اللثات أو الجسد أو من القلس ، وهو أمر تعظم به البلوى ، ولا يعرفه غيرهم ، فلم يروا ذلك حجة على أنفسهم . والمالكيون يوجبون التدلك في الغسل فرضا ، والفور في الوضوء فرضا ، تبطل الطهارة والصلاة بتركه ، وهذا أمر تعظم به البلوى ، ولا يعرف ذلك غيرهم ، فلم يروا ذلك حجة على أنفسهم . والشافعيون يرون
الوضوء من مس الدبر ، ومن مس الرجل ابنته وأمه ، وهو أمر تعظم به البلوى ، ولا يعرف ذلك غيرهم ، فلم يروا ذلك حجة على أنفسهم ، ثم يرونه حجة إذا خالف أهواءهم وتقليدهم ، ونعوذ بالله من مثل هذا العمل في الدين ومن أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء : إنه واجب على كل مسلم وعلى كل محتلم ، وإنه حق الله تعالى على كل مسلم محتلم . ثم نقول نحن : ليس هو واجبا ولا هو حق الله تعالى . هذا أمر تقشعر منه الجلود ، والحمد لله رب العالمين على عظيم نعمته .