وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : فمن طريق
طلحة بن عمرو وهو ركن من أركان الكذب والآخران مرسلان ، ثم لو صحت لما كان لهم بها متعلق أصلا ، لأنه ليس فيها إلا أن الله تعالى جعل لنا عند موتنا ثلث أموالنا ، وهذا معنى صحيح وهو بلا شك الوصية التي لا تنفذ ألبتة إلا عند الموت ، وليس في شيء من هذه الأخبار ذكر للمرض أصلا ، لا بنص ولا بدليل ، فبطل تمويههم بها .
ونسألهم : عمن
تصدق بثلثي ماله وهو صحيح ثم مات بغتة إثر ذلك .
أو أعتق جميع مماليكه كذلك أيضا ؟ فمن قولهم : أن كل ذلك نافذ من رأس ماله .
فنقول لهم : قد خالفتم جميع هذه الآثار لأن هذا فعل الصدقة والعتق عند موته كما في الآثار المذكورة ، وليس في شيء من تلك الآثار أنه أيقن بأنه يموت إذا أعتق أعبده ، إنما فيها عند موته فقط - فظهر خلافهم للآثار كلها .
ومنها - الخبر الصحيح من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن
الزهري عن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51122 nindex.php?page=showalam&ids=16283عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني من وجع اشتد بي فقلت : يا رسول الله قد بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي أفأتصدق بثلثي مالي . قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ، قلت : فالشطر ؟ قال : لا ، ثم قال عليه الصلاة والسلام : [ ص: 415 ] الثلث ، والثلث كثير إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس } .
ثم ذكر الحديث وفيه : أنه عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51123قال nindex.php?page=showalam&ids=37لسعد يومئذ ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون } .
وهكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عن
الزهري بإسناده .
[ ورواه أيضا كذلك بعض الناس عن
nindex.php?page=showalam&ids=12350إبراهيم بن سعد عن
الزهري بإسناده ] وبلفظة " الصدقة " فقالوا : فقد منعه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
الصدقة في مرضه بأكثر من الثلث . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا لا حجة لهم فيه لوجوه - : أحدها : أننا روينا هذا الخبر نفسه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16283عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه فذكر هذا الخبر وفيه " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51124قال nindex.php?page=showalam&ids=37سعد : فقلت : يا رسول الله أفأوصي بثلثي مالي قال : لا ، قلت : فبشطر مالي ؟ قال : لا ، قلت : فبثلث مالي ؟ قال : الثلث والثلث كثير } " وذكر باقي الخبر .
ورويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبي داود الطيالسي قال : نا
nindex.php?page=showalam&ids=12350إبراهيم بن سعد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15136وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون ، كلاهما عن
الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16283عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه ذكر هذا الخبر ، وفيه " قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51125قلت : أفأتصدق بمالي كله قال : لا ، قلت : أفأوصي بالشطر ؟ قال : لا ، قلت : يا رسول الله فبم أوصي ؟ قال : الثلث : والثلث كثير }
وذكر الخبر ، فذكروا أنه إنما سأل
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد عن الوصية وهو خبر واحد عن مقام واحد - فصح أن لفظة " الصدقة " التي رواها :
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
وسفيان عن
الزهري إنما معناها الوصية .
كما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=15136وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون -
nindex.php?page=showalam&ids=17124ومعمر ،
وعبد العزيز دون
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك -
وسفيان ،
والزهري ، وغيره ، فكيف وقد وافق
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر ،
وعبد العزيز على لفظة " أوصي " وفي هذا الخبر جماعة الإثبات .
كما رويناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج عن
القاسم بن زكريا عن
nindex.php?page=showalam&ids=14129حسين بن علي الجعفي [ ص: 416 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=15908زائدة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16490عبد الملك بن عمير عن
مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن
ابن أبي عمر المكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16503عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني عن
عمرو بن سعيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=15770حميد بن عبد الرحمن الحميري عن ثلاثة من ولد
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد ، كلهم عن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
أبي نعيم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=15976سعد بن إبراهيم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16283عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
محمد بن عبد الرحيم عن
nindex.php?page=showalam&ids=15925زكريا بن عدي عن
مروان بن معاوية الفزاري عن
هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص عن
nindex.php?page=showalam&ids=16283عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه .
ومن طريق
أحمد بن شعيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى عن
الحجاج بن المنهال عن
nindex.php?page=showalam&ids=17258همام بن يحيى عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
يونس بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=16964محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه .
ومن طريق
أحمد بن شعيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=15628جرير بن عبد الحميد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16571عطاء بن السائب عن
nindex.php?page=showalam&ids=12067أبي عبد الرحمن السلمي عن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص .
ومن طريق
أحمد بن شعيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة بن الزبير عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص ، كلهم يذكر نصا : أن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعدا إنما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يوصي به .
والوجه الآخر : أنهم إنما يمنعون من
الصدقة فيما زاد على الثلث في المرض الذي يموت منه صاحبه ، لا الذي يبرأ منه ، وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم أن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعدا سيبرأ من ذلك المرض كما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود السجستاني نا
nindex.php?page=showalam&ids=16544عثمان بن أبي شيبة نا
جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
أبي وائل عن
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة " قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51126قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا فما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك حتى إلى قيام الساعة إلا أخبر به حفظه من حفظه ونسيه من نسيه قد علمه أصحابي هؤلاء } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وسعد بن أبي وقاص هو هزم عساكر
الفرس يوم
القادسية وافتتح
[ ص: 417 ] مدينة كسرى فهو من جملة ما أخبر به عليه الصلاة والسلام بل من أكبر ذلك وأهمه وأعمه فتحا في الإسلام .
وهذا قد أنذر به عليه السلام في ذلك المرض إذ قال له : لعلك ستخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون - وهذا خلاف قولهم .
والوجه الثالث أن في نص الخبر الذي ذكرنا الآن إسناده من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15770حميد بن عبد الرحمن الحميري عن ثلاثة من ولد
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد عن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51127أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له يومئذ : إن صدقتك من مالك صدقة وإن نفقتك على عيالك صدقة وإن ما تأكل امرأتك من مالك صدقة } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وهذا كله بإجماع منا ومنهم ، ومن جميع أهل الإسلام من رأس مال المريض - مات أو عاش - فثبت يقينا ضروريا : أن صدقة المريض خارجة من رأس ماله ، لا من ثلثه بنص حكمه صلى الله عليه وسلم وبطل ما خالف هذا بيقين لا إشكال فيه ، وعاد هذا الخبر أعظم حجة عليهم ، وأوضح حجة لقولنا - والحمد لله رب العالمين .
وأما خبر
أبي بكر في نحله
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنهما فإيرادهم إياه فضيحة الدهر ، لأنه ليس فيه من
هبة المريض ذكر أصلا ، لا بنص ولا بدليل ، وإنما كان نحلها ذلك في صحته وتأخر جدادها لذلك إلى أن مات رضي الله عنه فكيف وقد صح رضي الله عنه أنه رغب إليها في رد تلك النحلة برضاها .
فكيف وإنما كان وعدا بمجهول لا يدرى من كم من نخلة تجد العشرين وسقا ، ولا من أي تلك النخل تجد ؟ فسقطت الأقوال المذكورة بيقين لا مرية فيه - والحمد لله رب العالمين .
ولم يبق إلا قولنا ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=15858أبي سليمان : أن جميع أفعال المريض من رأس ماله ، إلا العتق فإنه من الثلث : فنظرنا فيما احتج به من ذهب إلى هذا .
فوجدنا الخبر الصحيح الذي رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972ومحمد بن سيرين ، كلاهما : عن
nindex.php?page=showalam&ids=12134أبي قلابة عن
أبي المهلب عن
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن الحصين : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51128أن رجلا من الأنصار أعتق ستة أعبد له عند [ ص: 418 ] موته لم يكن له مال غيرهم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال فيه قولا شديدا ، ثم دعاهم فجزأهم أثلاثا ثم أقرع بينهم ، فأعتق اثنين وأرق أربعة } .
ورويناه أيضا : من طريق
أيوب ،
nindex.php?page=showalam&ids=15684وحبيب بن الشهيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=17240وهشام بن حسان ،
ويحيى بن عتيق ، كلهم : عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين عن
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن الحصين كما أوردنا .
وسماع
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين من
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران صحيح .
ورويناه أيضا : من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16732عوف بن أبي جميلة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فقلنا : هذا خبر صحيح لا تحل مخالفته إلا أنه لا يحل للحنفيين ، ولا للمالكيين - ولا للشافعيين : الحجة به أصلا ، فيما عدا العتق ; لأنه قياس ، والقياس باطل كله .
كما لم يختلفوا في أنه لا يحل أن يقاس على الخبر الثابت في التقويم على من أعتق شركا له في مملوك وأنه لا يجوز أن يتعدى به ما جاء فيه من العتق خاصة : لا إلى صدقة ، ولا إلى إنفاق ، ولا إلى إصداق ، ولا إلى غير ذلك ، لا سيما والحنفيون قد خالفوا نصه فيما جاء فيه ، فكيف يحتجون به فيما ليس فيه منه أثر ، وهذا عار جدا .
وأما أصحابنا : فليس لهم فيه حجة ; لأنه ليس في شيء من هذا الخبر : أن الرجل كان مريضا ، وإنما فيه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51129عند موته } وقد يفجأ الموت الصحيح فيوقن به ، فلا يحل أن يقحم في الخبر ما ليس فيه من ذكر المرض - فبطل تعلقهم به .
وأيضا : فقد بينا قبل أن هذا العتق للستة الأعبد إنما كان وصية - : كما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16503عبد الوهاب الثقفي عن
أيوب بالإسناد المذكور ، وفي هذا كفاية .
ووجه ثالث : هو أنه قد بين ذلك الخبر أنه له لم يكن له مال غيرهم ، ونحن نقول بهذا حقا ، فلا يجوز لأحد عتق في عبد أو عبيد لا مال له غيره ، ينفذ من ذلك العتق ما وقع فيمن به عنه غنى ، ويبطل في مقدار ما لا غنى به عنه .
فلو صح أن ذلك الفعل لم يكن وصية لكان حمل الحديث على هذا الوجه أحق بظاهره ، وأولى من حمله على أنه عليه السلام أجاز للمريض ثلث ماله ، إذ ليس في الخبر دليل - على هذا أصلا .
[ ص: 419 ]
فبطل تعلق أصحابنا بهذا الخبر جملة ، وصح قولنا - ولله الحمد .
وكذلك الخبر الساقط الذي رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور نا
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم أنا
nindex.php?page=showalam&ids=22خالد عن
nindex.php?page=showalam&ids=12134أبي قلابة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51129عن رجل من بني عذرة أن رجلا منهم أعتق غلاما له عند موته لم يكن له مال غيره فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتق منه الثلث واستسعى في الثلثين } ، فالقول في هذا الخبر - ولو صح - كالقول في خبر
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران ، فكيف وهو باطل ; لأنه مرسل ، وعن مجهول لا يدرى من هو أيضا .
وأما ما روي في ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود فباطل لا يصح ; لأن
nindex.php?page=showalam&ids=14939القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود كان لأبيه إذ مات
عبد الله رضي الله عنه ست سنين فكيف ابنه ؟ ثم هو أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=15689الحجاج بن أرطاة - وهو هالك - أو عن
عبد الرحمن بن عبد الله - وهو مجهول - عن
القاسم .
وأما الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي : فمن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15689الحجاج بن أرطاة - وهو هالك - ثم هي مرسلة ، لأن
الحسن لم يسمع من علي كلمة - فبطل أن يصح عن أحد من الصحابة - رضي الله عنهم - خلاف قولنا - والحمد لله رب العالمين .