باب الرضاع
( قال : ) بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80247يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب } وذكر
عروة عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنهما هذا الحديث قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80248يحرم بالرضاع ما يحرم بالولادة } ، وفيه دليل على أن الرضاع من أسباب التحريم ، وأنه بمنزلة النسب في ثبوت الحرمة ; لأن ثبوت الحرمة بالنسب لحقيقة البعضية أو شبهة البعضية ، وفي الرضاع شبهة البعضية بما يحصل باللبن الذي هو جزء الآدمية في إنبات اللحم وإنشاز العظم وإليه أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14304الرضاع ما أنبت اللحم وأنشز العظم } وفيه دليل على أن
الحرمة بالرضاع كما تثبت من جانب الأمهات تثبت من جانب الآباء وهو الزوج الذي نزل لبنها بوطئه ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم شبهه بالنسب في التحريم ، والحرمة بالنسب تثبت من الجانبين فكذلك بالرضاع ، بخلاف ما يقوله بعض العلماء - رحمهم الله تعالى - أن لبن الفحل لا يحرم وهو أحد قولي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله تعالى ، احتجوا بأن الله تعالى ذكر حرمة الرضاع في جانب النساء فقال : {
وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة } فلو كانت الحرمة تثبت من جانب الرجال لبينها الله تعالى كما بين الحرمة بالنسب ، ولأن الحرمة في حق الرجل لا تثبت بحقيقة فعل الإرضاع ، فإنه لو نزل اللبن في ثندوة الرجل فأرضع به صبيا لا تثبت الحرمة ، فلأن لا تثبت في جانبه بإرضاع زوجته أولى ، وحجتنا ذلك حديث
عمرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنهما {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80250قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فسمعت صوت رجل يستأذن على حفصة رضي الله عنها فقلت هذا رجل يستأذن في بيتك يا رسول الله فقال : صلوات الله عليه ما أراه إلا فلانا - عما لحفصة من الرضاع - فقلت : لو كان فلان عمي من الرضاع حيا أكان يدخل علي . ؟ فقال : نعم الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة } وفي حديث آخر عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80251قالت : يا رسول الله إن أفلح بن أبي قعيس يدخل علي وأنا في ثياب فضل فقال صلى الله عليه وسلم : ليلج عليك أفلح ، فإنه عمك من الرضاعة ، فقلت : إنما أرضعتني المرأة لا الرجل ، فقال صلوات الله عليه : ليلج عليك فإنه عمك } والعم من الرضاعة لا يكون إلا باعتبار لبن الفحل ، والمعنى فيه أن سبب هذا اللبن فعل الواطئ ، فالحرمة التي تنبني عليه تثبت من الجانبين كالولادة ، فأما ما قالوا : إن الله تعالى بين حرمة
[ ص: 133 ] الرضاع في جانب النساء قلنا : من الأحكام ما يثبت بالقرآن ، ومنها ما يثبت بالسنة ، فحرمة الرضاع في جانب الرجل مما يثبت بالسنة ، والمعنى الذي لأجله تثبت الحرمة بسبب الرضاع لا يوجد في إرضاع الرجل ، فإن ما نزل في ثندوته لا يغذي الصبي ، فلا يحصل به إنبات اللحم ، فهذا نظير وطء الميتة في أنه لا يوجب الحرمة .