( قال : ) فإن كان
تزوج البنتين في عقدة واحدة فنكاحهما باطل ; لأنا نتيقن ببطلان نكاحهما بسبب الجمع بين الأختين سواء تقدم أو تأخر ، وعند التيقن ببطلان نكاحهما نتيقن بصحة نكاح الأم ، فهي امرأته تقدم نكاحها أو تأخر .
( قال : ) وإن كان قد دخل بهن جميعا ثم مات ، ولا يدرى أيتهن دخل بها أولا فنقول : إما لكل واحدة من البنتين الأقل مما سمى لها ومن مهر المثل ; لأنه دخل بهما بحكم نكاح فاسد ، ولا ميراث لهما لفساد نكاحهما ، وكذلك لا ميراث للأم ; لأن نكاحها قد بطل في حال حياته بالدخول بالبنتين سابقا أو متأخرا ، فإن الدخول بالبنت يحرم الأم على التأبيد ، وأما المهر ففي القياس للأم مهر وربع مهر ، وفي الاستحسان لها مهر واحد ، وجه القياس أن نكاح الأم صحيح بيقين ، فإن كان دخل بإحدى البنتين قبل الأم فقد حرمت الأم بذلك ووجب لها نصف المهر ; لأن الفرقة جاءت من قبل الزوج قبل الدخول ، ثم دخل بالأم بعد ذلك فيجب لها بالدخول مهر فكان لها من هذا الوجه مهر ونصف ، وإن كان دخل بالأم أولا فلها مهر واحد وهو المسمى ثم حرمت عليه بالدخول بالبنت بعد ذلك ، فإن كان لها في وجه مهر ونصف ، وفي وجه مهر فلها مهر بيقين والنصف يثبت في حال دون حال فيتنصف ، ولكنه استحسن فقال لها : مهر واحد لأنه يجعل كأنه دخل بالأم أولا ، فإن فعله محمول على الحل ما أمكن ، وأول فعله يمكن أن يحمل على الوطء الحلال ثم لا إمكان بعد ذلك ، فلهذا جعلنا كأنه وطئ الأم أولا حتى يعلم غير ذلك ، والثاني أن المهر والنصف وجوبهما باعتبار
[ ص: 172 ] سببين : أحدهما العقد الصحيح ، والآخر الواطئ بالشبهة ، ولم يظهر السببان إنما الظاهر سبب واحد وهو العقد الصحيح ، فأما الوطء تصرف في الملك بعده وباعتبار العقد الصحيح لا يجب إلا مهر واحد ، فلهذا كان لها مهر واحد ، وعلى كل واحدة منهن ثلاث حيض لدخوله بهن ، ولو لم يكن دخل بالأم ودخل بالبنتين أو إحداهما فللأم نصف المسمى لوقوع الفرقة بسبب من جهة الزوج بعد صحة نكاحها ، ولا عدة عليها وللمدخول بها من البنتين الأقل من المسمى ومن مهر المثل وعليها العدة بثلاث حيض .
( قال : ) وإن كان
تزوجهن في عقد متفرقة ولم يدخل بشيء منهن حتى قال : إحداكن طالق ، فهذا الكلام لغو منه ; لأن السابق منهن امرأته والأخريان أجنبيتان ، ومن
جمع بين امرأته وأجنبيتين وقال : إحداكن طالق لم يقع شيء .
( قال : ) وإن
قال : إحدى نسائه طالق وقع على امرأته منهن ; لأنه أضاف الطلاق إلى امرأته ، فإن في نكاحه امرأة واحدة ، ومن كان في نكاحه امرأة واحدة إذا قال : إحدى نسائي طالق وقع الطلاق بذلك اللفظ على امرأته ، بخلاف الأول فإن هناك أوقع الطلاق على إحدى المعينات بغير عينها ، وفيهن من ليست بمنكوحة له ، فلا تتعين امرأته لذلك الطلاق ، وإذا وقع الطلاق على امرأته فلها نصف المهر ثم الخلاف في نصف المهر هنا كالخلاف في جميع المهر في المسألة الأولى ، ولا ميراث لواحدة منهن لوقوع الفرقة بالطلاق قبل الدخول .
( قال : ) وإن كان
تزوج البنتين في عقدة ثم قال : إحدى نسائي طالق طلقت الأم بذلك ; لأن الصحيح نكاح الأم وهو بهذا اللفظ موقع الطلاق على من صح النكاح بينه وبينها ، فلهذا طلقت الأم ولها نصف المهر ، ولا عدة عليها ولا ميراث لها ، وإن
قال : إحداكن طالق لم يقع الطلاق على الأم إلا أن ينوبها ; لأنه جمع بين امرأته وأجنبيتين وأوقع الطلاق على إحداهن ، فلا يتعين لذلك امرأته إلا أن ينويها بقلبه ، ولو كان تزوجهن في عقدة واحدة فنكاحهن فاسد بعلة الجمع ، فإن كان فيهن أمة جاز نكاح الأمة ; لأن نكاح الحرتين منهن باطل بيقين ، فإن الحرتين إن كانتا ابنتين بطل نكاحهما للجمع بين الأختين ، وإن كانتا أما وبنتا بطل نكاحهما للجمع أيضا ، ومتى كان نكاح الحرتين باطلا بيقين لا يبطل به نكاح الأمة ; لأن بطلان نكاح الأمة بضمها إلى الحرة ، وذلك عند صحة نكاح الحرة لا عند بطلان نكاحها .
( قال : ) وإن كان فيهن أمتان جاز نكاح الحرة ; لأن نكاح الأمتين باطل بيقين ، فإنهما إما أختان أو أم وبنت ، وإذا بطل نكاحهما كان ضمهما إلى الحرة لغوا فجاز نكاح الحرة
[ ص: 173 ] بمنزلة ما لو كانت اثنتان منهما ذواتي زوج أو في عدة من زوج ، ولما بطل نكاحهما صح نكاح الفارغة منهن .