الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال : ) وإذا تزوج الرجل امرأة وابنتيها في عقد متفرقة ثم مات ، ولا يعلم أيتهن أول فلهن مهر واحد ; لأن الصحيح نكاح الواحدة وهي السابقة منهن أيتهن كانت ، ثم عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى نصف هذا المهر للأم ونصفه للبنتين بينهما نصفان ، وكذلك الميراث نصفه للأم ونصفه للبنتين بينهما نصفان ، وعلى قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله تعالى - المهر والميراث بينهن أثلاثا فطريقهما واضح ، فإن حجة كل واحدة مثل حجة صاحبتيها على معنى أنه إن تقدم نكاحها استحقت ذلك ، وإن تأخر فلا شيء لها .

والمساواة في سبب الاستحقاق يوجب المساواة في الاستحقاق ، ألا ترى أنهن لو كن امرأة وأمها وابنتها ، أو امرأة وأمها وأخت أمها ، كان الميراث والمهر بينهن أثلاثا ، فأما أبو حنيفة رحمه الله له في المسألة طريقان أشار في الكتاب إلى أحدهما فقال من قبل : إنه لا يثبت نكاح إحدى البنتين بيقين ، ومعنى هذا أنا تيقنا ببطلان نكاح إحدى البنتين وأن الأم لا يزاحمها إلا إحدى البنتين ، فلهذا كان لها نصف المهر ونصف الميراث وقد استوى في النصف الآخر حال البنتين ; لأنه ليست إحداهما بتعيين جهة البطلان في نكاحها بأولى من الأخرى ، فلهذا كان بينهما نصفين ، وطريق آخر أن سبب بطلان النكاح في حق الأم واحد وهو المصاهرة ; لأنه سواء تزوج الكبرى من البنتين أولا أو الصغرى فقد حرمت الأم بالمصاهرة ، فأما السبب في حق كل واحد من البنتين مختلف ; لأن فساد نكاحها مرة في الجمع بين الأختين ومرة بالجمع بين الأم والبنت ، وأحدهما غير الآخر فوجب اعتبار الثنتين في حق كل واحدة منهما ، والتوزع على أسباب الحرمة ، فإذا كان سبب الحرمة في حق الأم واحدا ، وفي حق البنتين متعددا لم يكن بينها وبين كل واحدة منهما مساواة في الحرمان بل حالها أحسن فكان لها ضعف ما لكل واحدة منهما ، فأما ما استشهدا به فقد قيل : الكل [ ص: 171 ] على الاختلاف ، وقد يستشهد محمد رحمه الله تعالى بالمختلف على المختلف .

والصحيح الفرق من قبل أنه لا يقين في بطلان نكاح واحدة بل حال الأم والجدة والنافلة في ذلك سواء ، وكذلك السبب المتعدد في حرمة كل واحدة منهن باعتبار اختلاف الاسم ، كالأم والجدة والأم والخالة ، أو الأم والبنت ، فلما استوى حالهن كان الواجب بينهن أثلاثا بالسوية ، وإن متن جميعا والزوج حي فالقول في الأولى منهن ، قوله كما في حال حياتهن القول في بيان الأولى قوله لأن الملك حقه ، فكذلك بعد موتهن القول في بيان الأولى قوله ، وإن مات الزوج بعدهن قبل أن يبين فله ثلث ميراث زوج من كل واحدة منهن ، وعليه ثلث ما سمى لكل واحدة منهن من المهر باعتبار الأحوال ; لأن نكاح كل واحدة صحيح في حال دون حالين فلها ثلث ما سمى لها ، وباعتبار صحة نكاحها له ميراث زوج منها والصحة في حال دون حالين فله ثلث ميراث زوج من كل واحدة منهن .

التالي السابق


الخدمات العلمية