وإن
قال وحق الله فهو يمين
[ ص: 134 ] في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد رحمهما الله تعالى وإحدى الروايتين عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله تعالى ، وفي الرواية الأخرى لا يكون يمينا ; لأن حق الله على عباده الطاعات ، كما فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم في {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80432قوله nindex.php?page=showalam&ids=32لمعاذ : أتدري ما حق الله تعالى على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا } .
والحلف بالطاعات لا يكون يمينا . وجه قوله أن معنى وحق الله والله الحق ، والحق من صفات الله تعالى قال الله تعالى {
: ذلك بأن الله هو الحق } ، ولا خلاف أنه لو
قال : والحق لا أفعل كذا أنه يمين كقوله : والله . قال الله تعالى {
: ولو اتبع الحق أهواءهم } ، ولو قال حقا لا يكون يمينا ; لأن التنكير في لفظه دليل على أنه لم يرد به اسم الله ، وإنما أراد به تحقيق الوعد معناه أفعل هذا لا محالة فلا يكون يمينا . قال
الشيخ الإمام رحمه الله تعالى : وقد بينا في باب الإيلاء من كتاب الطلاق ألفاظ القسم ما اتفقوا عليه ، وما فيه اختلاف ، كقولهم هو يهودي أو نصراني أو مجوسي .
وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله تعالى أنه
قال : إذا قال : هو يهودي إن فعل كذا ، وهو نصراني إن فعل كذا فهما يمينان ، وإن
قال : هو يهودي هو نصراني إن فعل كذا فهي يمين واحدة ; لأن في الأول كل واحد من الكلامين تام بذكر الشرط والجزاء ، وفي الثاني الكلام واحد حين ذكر الشرط مرة واحدة ، ولو حلف على أمر في الماضي بهذا اللفظ فإن كان عنده أنه صادق فلا شيء عليه ، وإن كان يعلم أنه كاذب ، كان
محمد بن مقاتل رحمه الله تعالى يقول : يكفر ; لأنه علق الكفر بما هو موجود ، والتعليق بالموجود تنجيز ، فكأنه قال : هو كافر وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لا يكفر اعتبارا للماضي بالمستقبل ، ففي المستقبل هذا اللفظ يمين يكفرها كاليمين بالله تعالى ففي الماضي هو بمنزلة الغموس أيضا . والأصح أنه إن كان عالما يعرف أنه يمين فإنه لا يكفر به في الماضي والمستقبل ، وإن كان جاهلا
nindex.php?page=showalam&ids=11990وعنده أنه يكفر بالحلف يصير كافرا في الماضي والمستقبل ; لأنه لما أقدم على ذلك الفعل ، وعنده أنه يكفر به فقد صار راضيا بالكفر ، ومن هذا الجنس
تحريم الحلال فإنه يمين يوجب الكفارة عندنا ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يكون يمينا إلا في النساء والجواري ; لأن تحريم الحلال قلب الشريعة ، واليمين عقد شرعي ، فكيف ينعقد بلفظ هو قلب الشريعة ؟ ولأنه ليس في هذا المعنى تعظيم المقسم به ، ولا معنى الشرط والجزاء من حيث إنه بوجود الشرط لا يثبت - عين ما علق به من الجزاء ، أو اليمين يتنوع بهذين النوعين .
( وحجتنا ) في ذلك قوله تعالى {
: قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم } قيل : إن النبي صلى الله عليه وسلم حرم العسل على نفسه ، وقيل : حرم
مارية على
[ ص: 135 ] نفسه فيعمل بهما أو لما ثبت بهذه الآية أن التحريم المضاف إلى الجواري يكون يمينا ، فكذلك التحريم المضاف إلى سائر المباحات كقوله : والله ، فكما أن هناك عند وجود الشرط لا يثبت ما علق به من التحريم ، فكذلك في الجواري ، ثم معنى اليمين في هذا اللفظ يتحقق بالقصد إلى المنع أو إلى الإيجاب ; لأن المؤمن يكون ممتنعا من تحريم الحلال ، وإذا جعل ذلك بيمينه علامة فعله عرفنا أنه قصد منع نفسه عن ذلك الفعل ، كما في قوله : والله ; لأنه ثبت أن الإنسان يكون ممتنعا من هتك حرمة اسم الله تعالى فكان يمينا ، وعلى هذا القول في قوله : هو كافر إن فعل كذا كان يمينا ; لأن حرمة الكفر حرمة تامة مصمتة كهتك حرمة اسم الله تعالى فإذا جعل فعله علامة لذلك كان يمينا ، فأما إذا قال : هو يأكل الميتة أو يستحلها أو الدم أو لحم الخنزير إن فعل كذا ، فهذا لا يكون يمينا ; لأن هذه الحرمة ليست بحرمة تامة مصمتة ، حتى أنه ينكشف عند الضرورة ، وكذلك
قوله : هو يترك الصلاة والزكاة إن فعل كذا ; لأن ذلك يجوز عند تحقق الضرورة والعجز ، فلم يكن معنى اليمين من كل وجه ، ولو ألحق به باعتبار بعض الأوصاف لكان قياسا ، ولا مدخل للقياس في هذا الباب ، وكذلك لو
حلف بحد من حدود الله تعالى أو بشيء من شرائع الإسلام ، لم يكن يمينا ; لأنه حلف بغير الله تعالى ولأن الحلف بهذه الأشياء غير متعارف ، وقد بينا أن العرف معتبر في اليمين ، ولو
قال : عليه لعنة الله أو غضب الله أو أمانة الله ، أو عذبه الله بالنار ، أو حرم عليه الجنة إن فعل كذا فشيء من هذا لا يكون يمينا ، إنما هو دعاء على نفسه . قال الله تعالى {
ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير } ; ولأن الحلف بهذه الألفاظ غير متعارف .