والواجب على الغاصب ضمان القيمة عند تعذر رد العين عندنا وقال أهل
المدينة : رحمهم الله الواجب هو المثل لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله تعالى عنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80828كنت في حجرة nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله تعالى عنها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يضرب الحجاب فأتي بقصعة من ثريد من عند بعض أزواجه فضربت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها القصعة بيدها فانكسرت فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل من الأرض ويقول : غارت أمكم غارت أمكم ، ثم جاءت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله تعالى عنها بقصعة مثل تلك القصعة فردتها ، واستحسن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغيرة } وقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه في المغرور : يفك الغلام بالغلام ، الجارية بالجارية ولكنا نحتج بحديث معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=80829قال في عبد بين شريكين يعتقه أحدهما : فإن كان موسرا ضمن قيمة نصيب شريكه ، وإن كان معسرا سعى العبد في قيمة نصيب شريكه غير مشقوق عليه } فهذا تنصيص على
اعتبار القيمة فيما لا مثل له .
وتأويل حديث
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه أن الرد كان على طريق المروءة ومكارم الأخلاق لا على طريق الضمان ، وقد كانت القصعتان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنى قول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه يفك الغلام بالغلام يعني بقيمة الغلام ، فقد صح عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وعلي رضي الله عنهما أنهما قضيا في ولد المغرور أنه حر بالقيمة .
ثم بدأ
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد الكتاب بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين عن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح رحمهما الله قال :
من كسر عصى فهي له ، وعليه مثله ، وذكر بعده عن
الحكم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح قال : من كسر عصى فهي له ، وعليه قيمتها ، فأما أن يقول : مراده بالمثل المذكور في الحديث الأول المماثلة في المالية خاصة وذلك في القيمة أو يحمل
[ ص: 52 ] الحديث الأول على العصي الصغيرة ، فإنها من العدديات المتقاربة لا تتفاوت آحادها في المالية كالسهام ، وما ذكر في الحديث الثاني محمول على العصي الكبيرة ، فإنها كالعدديات المتفاوتة ; لأن آحادها تتفاوت في المالية . ثم المراد بالكسر ما يكون فاحشا حتى لا يمكن التقضي به بعد ذلك ، فأما إذا كان الكسر يسيرا فليس على الكاسر إلا ضمان النقصان ; لأنه غير مفوت للمنفعة المطلوبة من العين ، وإنما يمكن نقصانا في ماليته فعليه ضمان النقصان ، وفي الكسر الفاحش هو مستهلك من وجه لفوات المنفعة المطلوبة من العين ، فكان لصاحبها حق تضمين القيمة إن شاء ، وهذا الحكم في كل عين إلا في الأموال الربوية ، فإن التعييب هناك فاحشا كان أو يسيرا يثبت لصاحبها الخيار بين أن يمسك العين ولا يرجع على الغاصب بشيء ، وبين أن يسلم العين إليه ويضمنه مثله عندنا ; لأن تضمين النقصان متعذر ، فإنه يتعدى إلى الربا ; لأنه يسلم له قدر ملكه وزيادة ، وعلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله له أن يضمنه النقصان ، وهو بناء على أن من مذهبه أن للجودة في هذه الأموال قيمة كما في سائر الأموال ، ألا ترى أن لها قيمة إذا قوبلت بخلاف جنسها ، ولها قيمة في إثبات الخيار لصاحبها عند تفويت الغاصب الجودة ، وما لا يتقوم شرعا .
فالجنس وغير الجنس فيه سواء ، كالخمر والصنعة من الملاهي والمعازف ، ثم وجوب ضمان النقصان لا يؤدي إلى الربا ، فإن حكم الربا يجري بالمقابلة على طريق المعادلة ، وذلك لا يوجد هنا خصوصا على أصله ، فإن ضمان الغصب
nindex.php?page=showalam&ids=13790عنده لا يوجب الملك في المضمون ، ولكنا نقول : لا قيمة للجودة في هذه الأموال منفردة عن الأصل قال صلى الله عليه وسلم : {
جيدها ورديئها سواء } يعني في المالية التي ينبني عليها العقد ; لأنه لا يجوز الاعتياض عن هذه الجودة حتى لو
باع قفيز حنطة جيدة بقفيز حنطة رديئة ودرهم لا يجوز ، وما يكون متقوما شرعا فالاعتياض عنه جائز ، وبهذا فارق حال اختلاف الجنس ، وثبوت الخيار عندنا ليس لفوات الجودة بل للتغير المتمكن بفعله في العين ، وإذا ثبت أنه لا قيمة للجودة منفردة عن الأصل قلنا : لو ضمنه النقصان كان فيه إقرار بجودته عن الأصل ، فأما إذا سلم العين إليه ، فلا يكون فيه إقرار بجودته عن الأصل ، وهي متقومة مع الأصل تبعا ، فلهذا كان له أن يضمنه المثل ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح هو دليل له على أن المغصوب يصير ملكا للغاصب عند أداء الضمان كما هو مذهبنا
وذكر عن
أبي البحتري أن أعرابيا أتى
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان رضي الله عنه فقال : إن بني عمك عدوا على إبلي فقطعوا ألبانها ، وأكلوا فصلانها فقال له
عثمان : رضي الله تعالى عنه إذا نعطيك إبلا مثل إبلك ، وفصلانا مثل
[ ص: 53 ] فصلانك ، قال : إذا تنقطع ألبانها ، ويموت فصلانها حتى تبلغ الوادي ، فغمزه بعض القوم
nindex.php?page=showalam&ids=10بعبد الله بن مسعود رضي الله عنه . فقال : بيني ، وبينك
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله ، فقال
عثمان : رضي الله عنه نعم ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله رضي الله عنه أرى أن يأتي هذا واديه فيعطى ثمة إبلا مثل إبله ، وفصلانا مثل فصلانه فرضي
عثمان رضي الله عنه بذلك وأعطاه
وبظاهر الحديث يستدل أهل
المدينة في أن
الحيوان مضمون بالمثل عند الغصب والإتلاف فقد اتفق عليه
عثمان nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود رضي الله عنهما إلا أنا نقول : لم يكن هذا على طريق القضاء بالضمان ، وإنما كان ذلك على سبيل الصلح بالتراضي ; لأن المتلف لم يكن
عثمان رضي الله عنه ، ووجوب الضمان على المتلف ، والإنسان غير مؤاخذ بجناية بني عمه إلا أن
عثمان رضي الله عنه كان يتبرع بأداء مثل ذلك عن بني عمه ، ويقول إن قوتهم ونصرتهم بي ، وهذا لأنه كان به فرط الميل إلى أقاربه ، وإليه أشار
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه حين ذكر
عثمان رضي الله عنه في الشورى فقال : إنه كلف بأقاربه وكان ذلك ظاهرا منه ; ولهذا جاء الأعرابي يطالبه ، وإنما غمزه بعض القوم
بعبد الله رضي الله عنه لما كان بين
عثمان رضي الله عنه وبينه من النفرة ، وسبب ذلك معلوم . ثم فيه دليل جواز التحكيم وأن الإمام إذا كان يخاصمه غيره فله أن يحكم برضى الخصم من ينظر بينهما كما فعله
عثمان رضي الله عنه . وفيه دليل على أن
رد مثل المغصوب أو المستهلك يجب في موضع الغصب والاستهلاك ; لأن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود رضي الله عنه حكم بذلك وانقاد له
عثمان رضي الله عنه ، وهذا لأن المقصود هو الجبران ، ورفع الخسران عن صاحب المال ، وذلك برد العين عليه في ذلك الموضع وأداء الضمان في ذلك الموضع ; ولهذا قلنا : إن مؤنة الرد تكون على الغاصب .
وذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح رحمه الله أن
مسلما كسر دنا من خمر لرجل من أهل الذمة فضمنه
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح قيمة الخمر ، وبه نأخذ ، فإن الخمر مال متقوم عندنا في حقهم لتمام إحرازها منهم بحماية الإمام ، فإنهم يعتقدون فيها المالية ، وإنما يكون المال متقوما بالإحراز ، والإمام مأمور بأن يكف عنهم الأيدي المتعرضة لهم في ذلك لمكان عقد الذمة فيتم إحرازها منهم بذلك ، وسنقرر ذلك في موضعه .
( ثم ) فيه دليل أن المسلم يضمن قيمة الخمر للذمي عند الإتلاف دون المثل ; لأن المسلم عاجز عن تمليك الخمر من غيره ، وعند العجز عن رد المثل يكون الواجب هو القيمة ، ولم يذكر تضمين قيمة الدن ; لأن ذلك غير مشكل ، وإنما ذكر الراوي ما هو المشكل ، وهو تضمينه قيمة الخمر .