إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان إذ يوحي : يجوز أن يكون بدلا ثالثا من :
وإذ يعدكم ، وأن ينتصب بيثبت
أني معكم : مفعول يوحي ، وقرئ : "إني" ، بالكسر على إرادة القول ، أو على إجراء يوحي مجرى يقول ; كقوله :
أني ممدكم ، والمعنى : أني معينكم على التثبيت فثبتوهم ، وقوله :
سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا : يجوز أن يكون تفسيرا لقوله :
أني معكم فثبتوا ، ولا معونة أعظم من إلقاء الرعب في قلوب الكفرة ، ولا تثبيت أبلغ من ضرب أعناقهم ، واجتماعهما غاية النصرة ، ويجوز أن يكون غير تفسير ، وأن يراد بالتثبيت أن يخطر ببالهم ما تقوى به قلوبهم ، وتصح عزائمهم ، ونياتهم في القتال ، وأن يظهروا ما يتيقنون به أنهم ممدون بالملائكة ، وقيل : كان الملك يتشبه بالرجل الذي يعرفون وجهه فيأتي فيقول : إني سمعت المشركين يقولون : والله ، لئن حملوا علينا لننكشفن ، ويمشي بين الصفين فيقول : أبشروا ; فإن الله ناصركم ; لأنكم تعبدونه . وهؤلاء لا يعبدونه ، وقرئ : "الرعب" : بالتثقيل
فوق الأعناق : أراد أعالي الأعناق التي هي المذابح ; لأنها مفاصل ، فكان إيقاع الضرب فيها حزا وتطييرا للرؤس ، وقيل : أراد الرؤس ; لأنها فوق الأعناق ، يعني : ضرب الهام ، قال : [من الوافر]
وأضرب هامة البطل المشيح
[ومن البسيط] :
غشيته وهو في جأواء باسلة عضبا أصاب سواء الرأس فانفلقا
[ ص: 563 ] والبنان : الأصابع ، يريد الأطراف ، والمعنى : فاضربوا المقاتل والشوي ; لأن الضرب إما واقع على مقتل أو غير مقتل ، فأمرهم بأن يجمعوا عليهم النوعين معا ، ويجوز أن يكون قوله : "سألقي" ، إلى قوله : "كل بنان " عقيب قوله :
فثبتوا الذين آمنوا تلقينا للملائكة ما يثبتونهم به ، كأنه قال : قولوا لهم قولي :
سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب ، أو كأنهم قالوا : كيف نثبتهم؟ فقيل : قولوا لهم قولي : "سألقي" ، فالضاربون على هذا هم المؤمنون .