وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين [ ص: 596 ] وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم فإن حسبك الله فإن محسبك الله ; قال
nindex.php?page=showalam&ids=15626جرير [من الكامل] :
إني وجدت من المكارم حسبكم أن تلبسوا خز الثياب وتشبعوا
وألف بين قلوبهم : التأليف بين قلوب من بعث إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الآيات الباهرة ; لأن العرب - لما فيهم من الحمية والعصبية ، والانطواء على الضغينة في أدنى شيء وإلقائه بين أعينهم إلى أن ينتقموا - لا يكاد يأتلف منهم قلبان ، ثم ائتلفت قلوبهم على اتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واتحدوا ، وأنشؤوا يرمون عن قوس واحدة ; وذلك لما نظم الله من ألفتهم وجمع من كلمتهم ، وأحدث بينهم من التحاب والتواد ، وأماط عنهم من التباغض والتماقت ، وكلفهم من الحب في الله ، والبغض في الله ، ولا يقدر على ذلك إلا من يملك القلوب ، فهو يقلبها كما شاء ، ويصنع فيها ما أراد ، وقيل : هم الأوس والخزرج ، كان بينهم من الحروب والوقائع ما أهلك سادتهم ورؤساءهم ، ودق جماجمهم ، ولم يكن لبغضائهم أمد ومنتهى ، وبينهما التجاور الذي يهيج الضغائن ويديم التحاسد والتنافس ، وعادة كل طائفتين كانتا بهذه المثابة أن تتجنب هذه ما آثرته أختها وتكرهه وتنفر عنه ، فأنساهم الله - تعالى- ذلك كله حتى اتفقوا على الطاعة ، وتصافوا ، وصاروا أنصارا ، وعادوا أعوانا ، وما ذاك إلا بلطيف صنعه وبليغ قدرته .