ولما ذكر سبحانه أنه لابد من الفتنة ، وحذر من كفر ، وبشر من صبر ، قال عاطفا على
ولقد فتنا مشيرا إلى
تعظيم حرمة الوالد حيث جعلها في سياق تعظيم الخالق ، وإلى أنها أعظم فتنة :
ووصينا على ما لنا من العظمة
الإنسان أي : الذي أعناه على ذلك بأن جعلناه على الأنس بأشكاله لاسيما من أحسن إليه ، فكيف بأعز الخلق عليه ، وذلك فتنة له
بوالديه
ولما كان التقدير : فقلنا له : افعل بهما
حسنا أي : فعلا ذا حسن من برهما وعطف عليهما ، عطف عليه قوله :
وإن جاهداك أي : فعلا معك فعل المجاهد مع من يجاهده فاستفرغا مجهودهما في معالجتك
لتشرك وترك مظهر العظمة للنص على المقصود فقال :
بي ونبهه على طلب البرهان في الأصول إشارة إلى خطر المقام لعظم المرام ، فقال استعمالا للعدل ، مشيرا بنفي العلم إلى انتفاء العلوم :
ما ليس لك به علم [ ص: 396 ] أصلا بأنه يستحق الشركة فإن
من عبد ما لم يعلم استحقاقه للعبادة فهو كافر فلا تطعهما فإنه لا طاعة لمخلوق - وإن عظم - في معصية الخالق ، وهذا موجب لئلا يقع من أحد شرك أصلا ، فإنه لا ريب أصلا في أنه لا شبهة تقوم على أن غيره تعالى يستحق الإلهية ، فكيف بدليل يوجب علما ، والمقصود من سياق الكلام إظهار النصفة والتنبيه على النصيحة ، ليكون أدعى إلى القبول; ثم علل ذلك بقوله :
إلي مرجعكم أي : جميعا : من آمن ومن أشرك
بالحشر يوم القيامة; ثم سبب عنه قوله :
فأنبئكم أي : أخبركم إخبارا عظيما مستقصى بليغا
بما كنتم أي : برغبتكم
تعملون أي : فقفوا عند حدودي ، واتركوا ما تزينه لكم شهواتكم ، واحذروا مجازاتي على قليل ذلك وكثيره ، عبر سبحانه بالسبب الذي هو الإنباء [لأنه لا مثنوية فيه] عن المسبب الذي هو الجزاء ، مطلقا للعبارة ، وتهديدا بليغا على وجه الإشارة ، وطوى ذكره لأنه قد يدخله العفو ،
وهذه الآية نزلت في nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، أسلم وكان بارا بأمه ، فحلفت : لا تأكل ولا تشرب حتى يرجع عن دينه أو تموت فيعير بها ويقال قاتل أمه ، فمكثت يومين بلياليهما فقال : يا أماه ، لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت
[ ص: 397 ] ديني فكلي ، وإن شئت فلا تأكلي! فلما أيست منه أكلت وشربت وأصل القصة في
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي .