ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين  . 
وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل  [ ص: 195 ] شيء إنه خبير بما تفعلون من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون  . 
ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون 
قوله تعالى: 
ويوم ينفخ في الصور قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس   : هذه النفخة الأولى . 
قوله تعالى: 
ففزع من في السماوات ومن في الأرض  [قال المفسرون : المعنى : فيفزع من في السماوات ومن في الأرض] ، والمراد أنهم ماتوا ، بلغ بهم الفزع إلى الموت . 
وفي قوله : 
إلا من شاء الله ثلاثة أقوال . 
أحدها : أنهم الشهداء ، قاله 
 nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير   . 
والثاني : 
جبريل  وميكائيل  وإسرافيل  وملك الموت ، ثم إن الله تعالى يميتهم بعد ذلك ، قاله 
 nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل   . 
والثالث : أنهم الذين في الجنة من الحور وغيرهن ، وكذلك من في النار ، لأنهم خلقوا للبقاء ، ذكره 
أبو إسحاق بن شاقلا  من أصحابنا . 
قوله تعالى: 
وكل أي : من الأحياء الذين ماتوا ثم أحيوا 
آتوه وقرأ 
 nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة  ، 
وحفص  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم   : " 
أتوه  " بفتح التاء مقصورة ، أي : يأتون الله يوم القيامة 
داخرين قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة   : صاغرين . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة   : " كل " لفظه لفظ الواحد ، ومعناه يقع على الجميع ، فهذه الآية في موضع جمع . 
قوله تعالى: 
وترى الجبال قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة   : هذا يكون إذا نفخ في الصور ، تجمع الجبال وتسير ، فهي لكثرتها تحسب 
جامدة أي : واقفة  
[ ص: 196 ] وهي تمر أي : تسير سير السحاب ، وكذلك كل جيش عظيم يحسبه الناظر من بعيد واقفا وهو يسير ، لكثرته ، قال 
الجعدي  يصف جيشا : 
بأرعن مثل الطود تحسب أنهم وقوف لحاج والركاب تهملج 
قوله تعالى: 
صنع الله قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج   : هو منصوب على المصدر ، لأن قوله : 
وترى الجبال تحسبها جامدة دليل على الصنعة ، فكأنه قال : صنع الله ذلك صنعا ، ويجوز الرفع على معنى : ذلك صنع الله . فأما الإتقان ، فهو في اللغة : إحكام الشيء . 
قوله تعالى: 
إنه خبير بما تفعلون قرأ 
 nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر   : " يفعلون " بالياء . وقرأ 
 nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي  بالتاء . 
قوله تعالى: 
من جاء بالحسنة قد شرحنا الحسنة والسيئة في آخر (الأنعام : 160) . 
قوله تعالى: 
فله خير منها فيه قولان . 
أحدهما : فله خير منها يصل إليه ، وهو الثواب ، قاله 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة   . 
والثاني : فله أفضل منها ، لأنه يأتي بحسنة فيعطى عشر أمثالها قاله 
 nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم   . 
قوله تعالى: 
وهم من فزع يومئذ قرأ 
 nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر   : " من فزع يومئذ " مضافا . وقرأ 
 nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة  ، 
 nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي   : " من فزع " بالتنوين " يومئذ " بفتح الميم . وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء   : الإضافة أعجب  
[ ص: 197 ] إلي في العربية ، لأنه فزع معلوم ، ألا ترى إلى قوله : 
لا يحزنهم الفزع الأكبر  [الأنبياء : 103] فصيره معرفة ، فإذا أضفت مكان المعرفة كان أحب إلي . واختار 
 nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة  قراءة التنوين وقال : هي أعم التأويلين ، فيكون الأمن من جميع فزع ذلك اليوم . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12095أبو علي الفارسي   : إذا نون جاز أن يعنى به فزع واحد ، وجاز أن يعنى به الكثرة ، لأنه مصدر ، والمصادر تدل على الكثرة وإن كانت مفردة الألفاظ ، كقوله : 
إن أنكر الأصوات لصوت الحمير  [لقمان : 19] ، وكذلك إذا أضيف جاز أن يعنى به فزع واحد ، وجاز أن يعنى به الكثرة ; وعلى هذا القول ، القراءتان سواء ، فإن أريد به الكثرة ، فهو شامل لكل فزع يكون يوم القيامة ، وإن أريد به الواحد ، فهو المشار إليه بقوله : 
لا يحزنهم الفزع الأكبر  [الأنبياء: 103] . وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=15097ابن السائب   : إذا أطبقت النار على أهلها فزعوا فزعة لم يفزعوا مثلها ، وأهل الجنة آمنون من ذلك الفزع . 
قوله تعالى: 
ومن جاء بالسيئة قال المفسرون : هي الشرك 
فكبت وجوههم يقال : كببت الرجل : إذا ألقيته لوجهه ; وتقول لهم خزنة جهنم : 
هل تجزون إلا ما كنتم تعملون أي : إلا جزاء ما كنتم تعملون في الدنيا من الشرك .